السبت، 29 أغسطس 2015

إليك

كلماتي مهداة إلى امرأة تسكنني.. إلى امرأة ثكلى تستجدي الأمل بأسى تلوكه كالحنظل.. أكتب إلى غائب أنتظر أن يجمعني به القدر على خير.. أكتب إلى صديقة أتذكرها كلما أمطرت السماء من خيراتها.. نحن لم نخلق عبثا.. أتصدقون أن تلك الأنوار التي تشع كل صباح وجدت لتبث نورها لذات الأشخاص؟..
هذا الكون الشاسع بأرضه وترابه، ببحاره وشعاب مرجانه، بسمائه ونجومه.. هل وجد لنعيش بين رحابه ضمن خانة العاديين البائسة، أولئك الذين يولدون، يكبرون، يتزوجون ومن ثم يموتون!
كيف نرضى لأنفسنا أن نجعل من تلك الحفرة العميقة حلقة أخيرة من حلقات هذا الوجود؟
ما أكثرنا! نحن الذين ولدنا وكبرنا فهرمنا، خارت قوانا وشاخت أعضاؤنا فسلمناها للتراب في استكانة دون أن نترك فرصة للروح التي أودعها الله فينا أن تتأمل لون السماء أو لحظة للتدبر في هذا الضياء.. لماذا نجعلها أسيرة داخل أجسادنا فلا ترى سوى ظلام أحزاننا وبشاعة خيباتنا؟ لماذا نسلبها حقها في التحليق في هذا الفضاء الشاسع.. هي الروح التي لا تحدها ثياب رثة ولا تجملها زينة الثراء الفاحش.. روح تغرد مع الأطيار.. تسبح مع الأسماك.. تخترق قوقعات المحار فتلامس لؤلأها... تتحاور مع النجوم.. تدخل حيز الشمس دون أن تحترق وتنغمس في الجليد دون أن تتجمد!

المؤلف: ميساء بنور

ما بعد البداية..

هل تكفي بداية الشيء لتكون ضمان لنهايته؟... لكن عن اي نهاية نبحث، فالنهايات من أكثر ما يعرف بالتلون والتنوع الذي يفقد الهوية... تعرف بنسب ما يخالفها في فوضى جينية. مهما حاولنا تجديد مقاييسنا وتطويرها لمواكبة نسق هذا التبني العشوائي، نعجز دائما في التعرف على "النهاية" بل نكتشف أنها صادفتنا لكنها فشلت فاختبار كشف الهوية حتى مع أتعس مقاربة تخيلناها... فنبقى نبحث خارج النطاق الأصلي، خارج الإطار، متجاوزين مجال الحكاية ومنتهكين صدفة مجال حكاية أخرى قد تصبح حكايتنا الجديدة أو قد نهجرها في ردة فعل متوقعة. فعندما نهجر نشعر برغبة شديدة في هجر شخص آخر... متوقعين أنه دين ينتهي بمجرد تسديده لكننا نتناسى أن الفوائد المضافة ليست سوى التنازلات والتضحيات التي نقدمها حتى نعود لحالة "ما قبل" لكننا في الواقع نعود إليها بشخص أفرزته حالة "ما بعد"... عندما يتقابل الشيء ونقيضه نعود إلى نقطة البداية لكن ليس إلى البداية... فيفرض علينا إعادة البداية من منتصف الطريق محملين بندب سوف تنزف معتمدة على استشعار زماني عاجز عن تحديد اختلاف الإطار المكاني... لعل هذا ما يمنعنا عن خوض تجربة جديدة لأنها سوف تغتصب من قبل بقايا أخرى قديمة...

المؤلف: آية خريبيش

بالجنون يُصنع التغيير

أن تعيش الجنون بشتى أركان تفاصيله، أن تخاطب روحك بكلماتٍ مملوءة بتلك النبرة المفعمة بالطاقة التي تبتر كل حزن، كل مظلمة عاشت فيها الروح البالية بدون رحمة ولا شفقة...
عله آن أواني أن أشفق على نفسي ولو القليل حتى لكي أنهض بنفسي..
لن أقول أني ضجرت من حزني لكن جنوني أبى هذا الحزن وهوى الفرح والسعادة والسير على خطى وقع السعادة التي لطالما سمع عنها ولم يرها متجسدة في هذا الجسم البالي...
أصطاد ابتسامتي لكي اُرضي هذا العقل المشحون بالجنون.
الرّتابة نقطة سوداء مسحتها من قاموس حياتي وجعلت التغيير منطلقا لأُثري به أبجديات حياتي.
أصبحت مقتنعا شديد الإقتناع أن الجنون لا يولد معنا بالفطرة بل هو عالم يتم إنشاؤه عبر حقبات زماننا ومكاننا أينما كنا وأينما نشأنا فهو الوريث الشرعيّ لدُنيانا ولشتى ممتلكاتنا...
أنا أردت أن أعيش الإختلاف لا أريد أن يُضرب بي المثل لسبب هو أني لمست النقصان في ذاتي وبذاك النقص فهمت أنني لستُ أهلاً في أن أوضع بمثل هذا المقام..
سأطمح أن أرى في عين ذاتي واقفا أمام مرآتي بتلك الإبتسامة التي تبدأ من بؤبؤة العين إلى أن تظفر بها شتى أركان مكنونات أحاسيس القلب والعقل والفؤاد هكذا قررت وهكذا رددتُ كلماتي ٍعلى مسامع عقلي جاعلاً منها مخططاً قابلاً للتنفيذ طامحاً في أن يكون منطلقي من هذه الأسطر.
ومن هنا يبدأ التغيير...

المؤلف: هشام ذويب

الجمعة، 28 أغسطس 2015

إن تصدق الله يصدقك

عندما صدق عزم امرأة عمران في أن يكون الجنين الذي تحمله في بطنها لله وألا يكون فيه أي حظ من حظوظ النفس كافأها الله عز وجل بولادة مريم الصديقة والتي أصبحت بعد ذلك أما لرسول الله عيسى عليه السلام "وإذ قالت امرأة عمران رب إني نذرت لك ما في بطني محررا فتقبل مني إنك أنت السميع العليم ○ فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى وإني سميتها مريم وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم ○ فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتاً حسناً".
إن تصدق الله يصدقك نعم فهذا هو مفتاح الوصول إلى المعالي فصدق الإرادة والعزيمة يجعل الله عز وجل يحرك الأحداث في اتجاه تحقيق مقصدك فقد قال الله تعالى "فإذا عزم الأمر فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم".

المؤلف: عبدالله المصري

اﻷلم

الألم هو إدراك اﻷلم، وإن شئت قلت تصاعد الروح واختناقها في جسمك بما رحب، فهو موت صغير. وما تعاقب اﻷيام علينا سوى موت فينا.. وما الروح في تصاعدها إلا أنها تبتغي الانعتاق من قيد مادية الجسم.
كما المرض في البدن إدراك الضعف فيه وإن شئت قلت وهن مع أعراض متغايرة..
فالأصل الضعف فيك في كل أحوالك وكذا اﻷلم فينا مع تفاوت إدراكه فقط..
ألم هي..عبودية العمل والشقاء.. أو الراحة والعطالة بين يومي فارغ أو مزدحم بالأحداث تكرر أو تغير.. ألم هي عبودية الظهور والشهرة.. أو التخفي واانعزال.. ألم هو تدافع الحب والكره فيك بين ما تحب ولا تصله أو ما تكره ولاتدرك دفعه.
ألم هو بحثك عن جدوى الحياة في أدق تصاريفها اليومية حين يغيب معنى يشمل الكل فيها.. لتبحث بعدها لمعناك عن معنى..
ألم هو انطواء عمرك واندفاع اﻷيام وبصرك لأرض فلاة ظنك بها أنها حديقة غناء.. حتى إذا استوت أمامك ما وجدت إلا تربة بور.. فتحاول أن تسوي عود ظهرك في انطلاقة جديدة بين شعاب اﻷرض.
ألم هو.. رفض نفسك السلبية في فراغها بحثا عن جواب.. من أنا؟ ثم يليه كيف أنا؟ يليه متى أنا؟ لتقصص بعدها قصتك كنت أنا.
اﻷلم هو سجادة الحياة مليء بالنتوءات بعضها إزاء بعض.
أما الرحمة فهي تأتي مع نداء استغاتثك.. ربي مسني الضر وأنت أرحم الراحمين.. فتسمع المنادي أن يا أيوب.. (اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب).

المؤلف: خديجة اسعيد

تَبلّدنا‬

ولم يعد الدم يجري في
عروقنا
أخَذْنا ديننا سَفهاً
وهرولنَا وراء
الغربِ
سَقينا شَعبنَا ذلاً
ونطلب عزَّ أمتنَا
لا لونُ الدماء
ترعبُنا
ولا صرخات أمّ
تُحرّكنا
وقَفنَا طوابيرَ على
أبوابِ أعدائنا
كالأغنامِ
ننتَظر قطع
رقابنا
ولا شيء يحرّكنا
سوى رقصَاتُ فاجرةٍ
وكأس من الخمرِ يُدار
في الأعناقِ
أيَا شعوبَ أمتنا
قد مات حكامٌ
على العروشِ
وأنتمْ فقط
‏أحياء‬

المؤلف: رامي قواريق

مفهوم السفر عند الصوفية

إنّ المتطلع لمادة "سَفَرَ" في اللغة العربية وما تكتنزه من معان عديدة تُوحي عن الكشف والإظهار، تتبين له العلاقة القويّة التي تربط الصوفي بالسفر، ولعل الوقوف على كلام أصحاب المعاجم في هذه المسألة يوضّح الرؤية شيئا فشيئا.

معنَى "سَفَرَ" في لسان العرب: "سفر البيتَ وغيره يسْفرهُ سَفرا، كنسه والمسْفرةُ المِكنسةُ وأصله الكشفُ والسُّفارةُ بالضم الكُنّاسة وقد سفره كشطهُ، وسفرت الريح الغيمُ عن وجه السماءِ سفرا فانْسَفر فرّقته فتفرق وكشطته عن وجه السماء وأنشد : سفر الشَّمال الزّبرج المُزبْرَجَا، والرياحُ يُسافر بعضها بعضا لأن الصبا تسفِرُ ما أسدته الدَّبُور والجنوبُ تُلحِمُه والسفير ما سقط من ورق الشجر...".1
وعند ابن فارس: "رجلُ سفْرُ وقومُ سفرُ، وسفرتَ بين القوم سفارةً إذا أصلحتَ، والوجه المُسفر هو المشرقُ سرورا..".2
وفي الحديث أن عُمرَ دخل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : "يا رسول الله لو أمرت بهذا البيت فسُفرَ".3
ومعنى "سفر" في مختار الصحاح: "السَّفَرُ قطع المسافة والجمع أسفار والسّفرةُ الكتبةُ، قال تعالى: "بأيدي سفرةٍ".4
قال الأخفش: وأحدهم سَافر مثل كافر والسِّفرُ بالكسر الكتاب والجمع أسفار، قال تعالى: " كمثل الحمار يحملُ أسفارا".5
والسُّفرةُ بالضم طعام يتخذ للمسافر ومنه سُميت السفرة والمسفرة بالكسر المكنسة والسفير الرسول المصلح بين القوم والجمع سُفراء.
وفي صحاح اللغة السَفر قطع المسافة والجمع الأسفار والسفرُ أيضا بياض النهار.
بين أهل اللغة أن السَفر يعني كشف الغطاء عن الرأس أو الخمار عن الوجه أو التراب عن الأرض أو الغيوم عن السماء، ومنه اشتقت كلمة المسافر بمعنى المغادر للمكان الذي كان نازلا فيه ويقال أيضا ما سُمّي المسافرُ مسافرا إلاّ لكونه يسفرُ -يفصِحُ- عن أخلاقه فيظهر ما كان خفيا منها لينكشف على حقيقته.
كذلك من المعاني في هذا الباب معنى الإشراق والإضاءة، فطريق المسافر يحتاج إلى إضاءة ليبلغ مراده وكلّ من هذه المعاني السابق ذكرها يسعى الصوفي وبشدة لترفقه في طريقه لربه.
لعلك تتساءل هنا عن حقيقة سفر الصوفي وعن الوسائل التي يتوسلها في سفره؟
دعنا نتفق أولا أن السفر يمثل حقيقة كل الأشياء، إنه التركيبة الحيوية والنسق الحركي المتواصل لهذا العالم من الذرة إلى المجرة، فضلا عن هذا الإنسان الذي اجتمعت فيه من خلال مساره كلّ أشكال السفر وأنواعه، فخروجه من ضيق الرحم لسعة الوجود سفر، ومروره من طور لطور سفر، دقات قلبه سفر وأفكاره سفر وخياله سفر وكلماته مسافرة من أعماقه لتتلقاها الأسماع وانتقاله من الدنيا إلى الآخرة سفر ومن الحساب سيسافر إما للجنة وإما للجحيم...
"فالسفر وسيلة إلى الخلاص من مهروب عنه أو الوصول لمرغوب فيه ، والسفر سفران ، سفر بظاهر البدن المستقر والوطن ، وسفر بسير القلب عن أسفل السافلين إلى ملكوت السماوات ، وأشرف السفر سفر الباطن".6
وبناء على ما ذكرناه نشير على وجه الخصوص إلى تلك الأسفار المشروعة للإنسان ضمن أنواع ثلاثة من السفر، سفر من عند الله وسفر إليه وسفر فيه، أهمها التي فيها السفر ربّاني أو يكون فيها المرء مسافرا به كما هو حال الأنبياء والأولياء المصطفين الذين عن الخوف والحزن فرّوا.
قال الإمام الأكبر محي الدين ابن عربي رحمه الله: "أمّا بعد فإن الأسفار ثلاثة لا رابعة لها أثبتها الحق عز وجل وهي سفر من عنده وسفر إليه وسفر فيه، وهذا السفر فيه هو سفر التيه والحيرة، فمن سافر من عنده فربحُه ما وجد وذلك هو ربحه، ومن سافر فيه لم يربح سوى نفسه، والسفران الأوّلان لهما غاية يصلون إليها ويحطون عن رحالهم، وسفر التيه لا غاية له، والطريق التي يمشي فيها المسافرون طريقان، طريق في البر وطريق في البحر، قال الله عز وجل: "هو الذي يُسيّركم في البر والبحر".7
قلت أن السفر منه هو القدوم لمهمة عظيمة ومسؤولية جليلة وهي استخلافه في أرضه وذلك بعمارتها وعبادته والامتثال لأوامره والانتهاء لنواهيه فضلا عن معاينة بديع صنعه والتفكر في عالم ملكه، والسفر إليه أوله شوق وأوسطه سير ومجاهدة فوصول ومكاشفة، أمّا السفر فيه هو الفناء في عشقه وقد قيل: "قلوب أهل الحق طائرة إليه بأجنحة المعرفة ومستبشرة إليه بمولاة المحبّة".
"والمسافرون فيه طائفتان، طائفة سافرت فيه بأفكارها وعقولها فضلّت عن الطريق ولابدّ، فإنهم ما لهم من دليل في زعمهم يدل سوى فكرهم وهم الفلاسفة ومن نحا نحوهم، وطائفة سُوفِر بها فيه وهم الرسل والأنبياء والمصطفون من الأولياء كالمحققين من رجال الصوفية مثل سهل بن عبد الله وأبي زيد وفرقد السبخي والجنيد بن محمد والحسن البصري ومن شهر منهم ممن يعرفه الناس إلى زماننا...".8
إن المسافر عند القوم هو من أقام مرابطا على ثغر المجاهدة فالتزم بحدود الشريعة امتثالا وانتهاء فلسفته في هذا الطريق التخلية والتحلية -التخلي عن كل مذموم والتحلي بكل محمود، لذّته في مشقة كبح سلطان نفسه وسعادته أينما تفرّغ من تخطيه لمسافة حُفّت بما يحول دونه ومراده وكما سُئل عمران عن الجزع الذي يلحق المسافر في سفره فقال: " إذا خفت عليه فألقه في اليم، يعني لا تبال أيش ما لحقك بعد ما تكون متوجها إلى الله تعالى..."9، ذخره المجاهدة والاستسلام والتوكل، قال ابن عربي: "اتخذت الاستسلام جوادا، والمجاهدة مهادا، والتوكل زادًا".10

يتبين إذًا أن عماد هذا السفر المجاهدة والتوكل والاستسلام، وكما تعاهد أهل السفر للأقطار أن لا بد من زاد يهون على المسافر مشقة السفر ووطأته فإن أهل الحقيقة تعاهدت قلوبهم ألا انفكاك من التزود بهذه الثلاثة ناهيك أن يتخلق ويتعلق ويتحقق بها أيضا حتى تفيء روحه لحضرة مولاه، وكما جاء على لسان الشيخ الأكبر في هذا الضرب من المعراج قوله "هو معراج أرواح لا أشباح، وإسراء أسرار لا أسوار، وسلوك معرفة ذوق وتحقيق لا سلوك مسافة وطريق إلى سماوات معنى لا مغنى".
______________________________
1 لسان العرب، ابن منظور، ج7،ص 196، ط درا صادر، د.ت.
2 معجم اللغة، ابن فارس أحمد، تحقيق زهير عبد المحسن سلطان، مؤسسة الرسالة.
3 تاريخ بغداد، 6/34، موقع الدرر السنية.
4 سورة عبس، 15
5 سورة الجمعة: 5
6 الغزالي، إحياء علوم الدين، ج2/ص 331 ، المكتبة المصرية.
7 ابن عربي، الإسفار عن نتائج الأسفار، ص 2.
8 م.ن.ص.4.
9 الطوسي، اللمع، مكتبة الثقافة العربية.
10 ابن عربي، المعراج، ص 68، تحقيق سعاد الحكيم، ندرة للطباعة والنشر.

المؤلف: فتحي طالب

ناداني

ناداني..
يسأل عن حبي
فأجبت..
وما معنى الحب؟!
هل هو كلام عذب
لم ينبع من عمق القلب!!
أم هو وعود تلمع
أبعد من أبعد نجم!!
ما أعلمه عن معنى الحب
أنه عطاء دون حساب،
ولم أر حبًا استمر
أحد طرفيه مستهتر،
فالحب أن يميل القلب
لما للنفس هو يطيب،
وما طاب لنفس قط
جور، طغيان وجبروت؛
فإن كنت تنتظر حبي!
فأظهر هيا حبك لي

فأجاب..
والحسرة تخنقه
أنا الوطن..
أرعى وأحتضن
وما ذنبي!
إن من أبنائي
من باعوا
وما كان رجائي،
يا ولدي..
بحبك أزدهر
يا ولدي..
بكفاحك أنتصر
يا ولدي..
صبرا، فإن
ربي يحب من صبروا.

المؤلف: إيمان لعمش

الفن والطفل

ربه على الفن طفلا...كي تعلي للإنسان صرحا
منذ أن غادرت مقاعد الإعدادي وانتهت دروس مادة التربية التشكيلية لا أذكر يوما أنني أمسكت فرشاة وخلطت الألوان. لا أعرف السبب فقد يكون قصورا حسيا في هذا الجانب الإبداعي إما لسبب ذاتي أو لقناعة ترسخت عندي بآرتباطه بمادة دراسية منتهية لم تحمل في رأيي عناصر بيداغوجية تحفز التلميذ لتنمية حسه ورؤيته الفنية فكانت مقتصرة على عدد متدن يسند بناء على موضوع لا يخلو من الطلاسم.

أذكر أنني لم أكن أحب الحصة لأن الأستاذة كانت تحملها مالا تحتمله من جو متشنج ومشحون بينها وبين تلاميذها. كما أذكر أنني كلما اعتقدت أنني فككت أحجية المعطى وفهمت المطلوب ورسمت على أساسه فإنني لم أكن أحصل على عدد يناهز الخمسة من عشرين. بينما إذا أنا تجاهلته وشرعت أعبث بالألوان وحركتها على الورقة فإنني لم أكن أتفاجؤ بعدد يقل عن خمسة عشر.

أصبحت اليوم أعتقد في ثلاثة أمور تتعلق بإدراج مثل هذه الفنون في البرامج التعليمية للناشئة:
الأول هو تعزيز الجانب النظري للفن ولقيمة دوره في إعلاء وبناء الإنسان وإلقاء الضوء أكثر على منارات الإبداع وقاماته في العالم لعل من خلالها تتجسد في وعي التلميذ شاكلة مختلفة عما ألفه من القدوات بحيث لا تصبح حصة التربية التشكيلية ضربا من أشغال تطبيقية لعنصر نظري مغمور ولا يفي بدوره التربوي وقد تنتهي بأن ينفر منها التلاميذ أو يأتونها كرها وإجبارا وهذا ماكنت ألاحظه.
والأمر الثاني هو ضرورة تغليب البعد التجريدي في ما يطلب من التلاميذ وأن تترك لهم مساحة واسعة من الحرية في تلك السن خصوصا لكي يفترشوا اللوحة مهادا لما ستنضح به تعبيراتهم وما ستستنبطه أناملهم. فالفن رمز لكسر القيود وللتطلع في آفاق أرحب بكثير مما هو موجود محط النظر فلا داعي لأن نحد من هذه الإنطلاقة لديهم تحت مسميات علمية.
أما لأمر الثالث فهو التخلي عن البعد التقييمي للأعمال التي سترى النور خلال تلك المرحلة... كل عمل يولد عن الطفل هو إبداع فهو انعكاس وجداني عميق لمكنون لا يزال مادة خام وهو تعبير عن نوع مختلف من الذكاء يصقل وينمى بالتحفيز الإيجابي بعيدا عن منطق الأعداد.

وفي النهاية فإن لكل طفل خصوصيته في التعبير وفي الرؤية فلا يجب قولبة هذا الجانب عنده وتنميط حسه كي يستقيم مع معايير التقييم.
إن التلميذ الخاضع لمناهجنا التعليمية المقترنة بالتلقين والقياس أساسا في حاجة إلى متنفس يخرج به قليلا عن المألوف... فلتكن التربية الفنية هي ذاك المتنفس.

الصور المرفقة مع هذا المنشور وثقت بها عودة إلى الفرشاة والألوان من جديد عودة بدون معطى وبدون عدد. فكان من حسن حظي أنني شاركت الصغار في #فريق_الطفل_المبدع فسحتهم الفنية الحرة.
وكنت سعيدة للغاية مثلهم بالنتيجة التي آنتهيت إليها لعل التقنية لم أستحسنها كثيرا لكن تجربة خلط الألوان والإضافات والانتقال بين مستوياتها كانت جميلة ولعل فيها محاكاة لفلسفة الحياة نفسها.

المؤلف: رحاب طاوس

الخميس، 27 أغسطس 2015

الكمال

تتخلل صفة الكمال أذهان العديد، حيث يعيش الشخص المثالية في حياته بمعنى أنه يحاول دائما القيام بعمله على أكمل وجه أي بشكل مثالي جدا. على سبيل المثال يغضب هذا النوع من الأشخاص عندما يتحصل على 19 من 20 في امتحان ما، الغضب ناتج  عن اعتقاده في نفسه أنه شخص لا يستحق ما يؤدي إلى خيبة الأمل، لذا فهو دائم التطلع إلى معالي الأمور وأسمى القيم والمعارف التي تحقق له صفة الكمال وتجعله يسمو بذاته.
فيمكن القول بأن سعي الشخص نحو الكمال شيء إيجابي حيث أنه يساعد على إحداث التوازن بين الجانبين المادي والروحي في شخصية الإنسان عندما يبلغ الفرد مستوى الكمال نظرا لوجود صراع داخلي دائم ومستمر بين متطلبات الجانبين لها. وقد لا ينجح المرء في مسعاه نحو الكمال، بل قد يضعف أحيانا نظرا للمثيرات الاجتماعية والحياتية.
فهل بإمكان الفرد أن يتخلى عن نمط من حالته المزاجية في سبيل الكمال؟ لا فهذا صعب جدا حسب ما تحكمه الظروف المعيشية، صعب أن يستطيع الفرد التخلي عن أي من الأنماط الأربعة من حالته المزاجية والتي هي الاكتئابي، الحماسي، العدواني، واللامبالي.
بينما الشخص الواثق من نفسه تماما هو الذي لا بد أن يعلم أنه لن يصل إلى لكمال بل سيبقى يسعى لتحقيقه قدر المستطاع.
كما يوجد من الأشخاص من لا يسعى أبدا وذلك لا يعد شيئا إيجابيا، فهو ربما يطغى عليه عدم الثقة في النفس أو الشعور بالنقص بينما أنه قضية حياتية ملازمة لواقع الإنسان فهو دافع نفسي مثالي يؤدي به إلى التوازن في شخصيته وكي لا يبقى في قوقعة الأنا ولا يطلق عنان خياله في أجواء الأحلام، بل هذا يساعده على السعي المستمر نحو تحقيق الكمال وعدم المكوث في ظلام الوعي.

المؤلف: هاجر المكاري

حبيبتي هيَ

أكتبُ لكِ لعلَّكِ تبحثنَ عنْ نفسِكِ بينَ أسطرِي أوْ لعلّكِ تبادريننِي بالسؤالِ :"أينَ أنا منْ كلماتِكِ"..
أكتبُ رغمَ أنَّكِ لا تجيدينَ قراءةَ حروفِي أو تصفُّحِ نبضاتِ قلبِي أو حتَّى مسِّ تفاصيلِ وجهي عندَ خرابِي الأخيرِ..
أكتبُ عنكِ رغمَ أنَّكِ لم تصافِحِي يومًا يدي المخملةَ ولمْ تأبهِي لوقْعِ خُطايَ ولم تستجيبِي لندائي المكرّرِ لكِ..
لكنّني يومًا ما سأكتبُ أنّني لن أكتُبَ عنكِ مجدَّدًا ثمَّ سأكتبُ أنّني خنتُ الميثاقَ وعدتُ لأكتُبَ عنكِ..
مازِلتُ أسألُ نفسي منْ أنتِ لأكتُبَ عنكِ وكيفَ شاءَ القدرُ لتلجِي حياتِي منْ نافذتها النيّرةِ..
سأنالُ شمسكِ لأخبئهَا بينَ طيّاتِ الهواجِسِ وسأحظى بنجمِكِ الساطعِ لأردِمَ أنوارهُ من تحتِ سقفِ أحلامِي..
كلُّ ما فيكِ لِي حتّى أنِّي احتفظتُ بلوحةٍ منْ عطورِكِ وإبتساماتِكِ ولمساتِكِ الطّريَّةِ..
الظاهرُ يا حبيبتِي أنّك مدينةٌ فاتنةُُ للعقولِ ساحرةٌ للقلوبِ أو باحةٌ قد سعتْ العاشقينَ وأوتْ ككلَّ المشتاقيين..
لكِ حبِّي وحرفِي وحبري..

المؤلف: زهرة القاضي

مغامرة إرادة في ثنايا القدر

يؤمر القدر ليصطفي في كل مرة إرادة يجري عليها عبرات يتعظ بها بنو الإنسان.. فوقع الإختيار مرة على إحدى هذه الإرادات، والتي لم تكن قد تأهبت لمثل هذا المصاب، كانت هذه الإرادة تتسم بالصدق والحياء وليس لها سابق دراية بما يمكن أن تحدثه أمثال هذه الأسفار التي لا مرسى لها و لا مرساة، و لا تخضع لزمان و ا تركن إلى مكان فحتى عقارب الساعة فيها تتخلى عن المجاز في مسماها لتصير كل ثانية منها عبارة عن لسعة مؤلمة يتراوح مفعولها بين الإماتة والإغماء.. إماتة عن المحسوسات فتفقد الحواس قيمتها الحيوية بل وتستحيل عائقا أمام التصرف الرشيد القويم، وإغماء عن موجود لاتفيد الإفاقة فيه لما يحويه من تسعير لمارج الأماني المؤرقة.. ما إن علمت هذه الإرادة أن الدور أتى عليها حتى عمدت إلى لملمة متاع قد يحتاج إليه، أخذت معها الطيبة التي كانت تحتفظ بها بين طيات أثواب وضيعة القيمة، أيضا اصطحبت الصدق الذي كان مكشوفا على الشرفة طول الوقت، فهي كلما أرادت مواراته عن الأنظار إلا ووجدته باديا مطلا من شرفات الباطن، فكرت كذلك في أخذ الكلمات معها، تلك التي كانت متناثرة في كل مكان مبثوثة في جميع الأرجاء، إذ كانت متعودة على المماطلة والخيانة، فكلما احتاجتها الإرادة إلا وتخلت عنها، لكن المسكينة رغم علمها بذلك تقرر اصطحابها لعلها تتنزه هذه المرة عن طباعها الخوانة.. ما إن استقر الأمر ورتبت المتاع حتى وجدت نفسها تنظر من خلال شرفة مطلة على سبل وثنايا مختلفة لا يشبه أحدها الآخر، وعلامات الحيرة والكدر بادية عليها..
ما أصابك أيتها الإرادة؟! لم التحلي بحلية الضجر والإنكسار؟! أهو الخوف من هذا الإصطفاء؟؟ أهو التوجس من هذه السفرة الفجئية؟؟
لا.. لا.. الأمر ليس كذلك، إنها محتارة ولا تستطيع الحسم في أحد الخيارات، لا تعرف أيجدر بها اصطحاب العقل أم لا؟! من جهة قد يكون حكيما راعيا للمصالح دارئا لسواها لكون ميزانه لا يكيل إلا وفقا لهذه الموازنة، لا يعنيه في ذلك ما تنزع إليه الرغبات وما تريده، لكنه من جهة أخرى قد يغالي في انتهاج درب "السلامة" فيخسر الثمين ويكذب الأمين... في النهاية أقرته مرافقا مع امكانية التخلي عنه متى عبث بما لا يحق له..
وانطلقت الرحلة وبدأ المسير فإذا بها أمام جمع من السبل المتعددة، فأيها تسلك يا ترى؟! فهذا الطريق منكشف لا سترة فيه تنخلع منه معاني الحياء، كله مباشراتية ومشبع بالظاهرية، وذاك يظهر جماله من خلال زهرات مرصعة على ضفتيه تفوح منها ما يبدو أنه أريج والحال أنه نتن لا يتحمله من عاش في النقاوة والصفاء ثم إنه مليء بالأشواك الخبيثة والكائنات المخادعة والخائنة، وغيره... وغيره... وغيره... ولاح على الطرف هناك درب يغشاه غموض مريح ويعبقه ريح الألغاز والأسرار المبهمة، هي مبهمة فقط على أصحاب الأفئدة الجوفاء والمدارك القاصرة..
فانتهجت الإرادة هذا السبيل متحاشية بذلك طريق الإنكشاف والمباشراتية ومتجنبة درب الجمال البادي والضنك الخافي، متخذة من العقل مشكاة تشتت قتامة الغموض لتغوص في ملكوت مغامرة قد تنجو منها وقد لا تنجو..

المؤلف: إحسان بن الأزهر مغزاوي

عندما تخونك الكلمات

خانتني كلماتي
وعجزت أناملي عن نقش حروف ونبش مشاعر هدمتها أحاسيس بشر وعوامل أحداث ومعزوفة ذكرى خلّدت ظلالاً في ذاك الطريق الوعر..
سعيت في أن تكون بصمتي في قلوب الناس ذات طابع طيب مفعم بالبسمة والرضى...
على أمل أني نجحت في ذلك...
لكني في المقابل وجدت الفشل في أن يحققوا هم ما أنا تمنيت أن أتحصل عليه من فرح ومقام بسمة ندية..
أصبحت لي سجايا من كل حقبة من حقبات هذا الزمان تنبؤ كل قلب أني قد تغيرت، بترت تلك البراءة وبقي منها الحطام والرماد..
سحب سوداء محملةً بين أكف البشر إلى أن انتابني ذاك الإحساس أنهم كلهم سواسي رغم أن قلبي يقول عكس ذلك لكن..
إن كانوا موجودين
فأين هم برب العزة..

كلها تتعايش بنفس تلك العقلية..
بشاشة فاستلطاف فانقلاب في الطّباع لوهلة فقط
فمن بين لحظات هذه الحياة يمكن أن يحدث ما لم يكن في حسبانك
فأنت مطرود من قلوبهم من البدايات وأنت لست بدارٍ...
بشر تساهم في تشييد كارثة في قلبك ولا يحق لك أن تلوم أحدا لأنك أعلنت انسحاب جنود قلبك وحرّاس حياتك مستندا بذلك اطمئنانك أنهم يستحقون فتدعهم يمرون ويحتلون فيُخربون وعينك تبصر...
فمن الملام هنا .... ؟

المؤلف: هشام ذويب

الأربعاء، 26 أغسطس 2015

حقيبة سفر

أجمع حقائبي رأس كل سنة ودبرها، أرتب متاعي داخلها، أضع فيها كل مطامحي وما أرجوه تماما كما أصفف ثيابي.. آخذ الألم والحزن كما آخذ الأمل والسعادة، أصطحب معي دعوات والدتي التي ترافقني بخطوات مثقلة إلى باب المنزل وعبراتها أسبق من قدميها، عبرات أهون علي أن أنشر نصفين من أن أراها، لتبقى صورتها تلك ترافقني طيلة مدة الغياب.. أبي أيضا يزعجه مشهد حقائبي المسندة إلى الحائط في رواق البيت، فأنا تعودت دائما تجهيزها ليلا لأرحل معها فجرا، و في كل مرة أتركها في الركن نفسه كأنه لا مكان آخر يرفعها، هكذا هي الأقدار، دوما تأسرنا على عادات لا ندري أنحن من اختارها أم هي التي ألزمتنا بها! وما إن كانت عفوية بريئة أم أنها تشير إلينا بشيء ما قد لا نصل إليه مطلقا! رغم  ندرة كلامه وقلة تحرك لسانه إلا أنني أسمع هواجس أبي التي لا يخفى علي ما تكنه، ليكتفي ببعض النصائح المكررة التي حفظتها كما يحفظ هو خوفه علي: "رد بالك على روحك وليدي، صلي صلاتك وابعد على المشاكل، هنيني ربي يهنيك ولدي"، هذا أثمن عطاياه بالنسبة لي..
أسير في ثنايا مدينتي مغادرا و أنا أمر بوجوه قد لا ألتقيها إن أنا عدت أو قد أجدها على حال غير الذي أراه اليوم.. منظر أولئك الشيوخ الجالسين تحت ظلال أحد الجدران يشدني إليه، إذ تعودت رؤية جدي بينهم في وقت مضى فأصبحت لا ألمح إلا مكانه الذي بقي فارغا على غير العادة، كأنه يعيش حداده بصمت مع حبات الرمال التي توسدها من يتوسد الآن رمالا أخرى في مكان آخر، يظهر أن الجمادات أيضا مليئة بالوفاء وتغير على محبوبها.. ذلك الجدار الذي يحتضن الأجداد لم يخبر يوما معنى السفر، فالكل عابر سبيل إلا هو، إلا أنه لو نطق لما كفته دقائق الوجود وساعات الكون لإنهاء قصص رويت وكان هو شاهدا عليها، لكن القصص ذهبت ورُوَّاتها رحلوا وبقي هو يستأنس بعجائز أعياهم انتظار الأجل..
أجر حقيبتي بين السبل والدروب، بين سكون الدجى ومشارف الضياء في صمت قاهر لا يكسره سوى صوت عجلات الحقيبة وأنفاسي المتسارعة التي أثارها الإعياء من حمل المتاع، ولا يسبح في ذهني حينها عدى دعوات أمي وعبراتها ونصائح أبي ونظراته، فأتوقف قليلا جامعا أنفاسي وأقول في نفسي: "الحياة لابد لها من مسير وصبر.. هذا ما يجب أن يكون".. أمسك حقيبتي وأمضي.

المؤلف: إحسان بن الأزهر مغزاوي

من أكون؟

كلمات كتبتها بطلب من صديق لي ولد من علاقة غير شرعية
مسكت القلم لأكتب
فنزلت دمعات العيون..
اختنقت العبرات
وضاعت العبارات
بين طيات السكون..
سألت نفسي من أنا
ومن أكون؟
أنا الطفل اللقيط
أنا الذي نبذني المحيط
أنا الذي لا يعترف بي القانون..
أنا من احتجت لأم ترعاني
أنا من حرمت من أب حنون..
أنا طفل بلا طفولة..
أنا الذي ألعب بلعب مكسورة..
أنا الذي أحلامي منثورة..
أنا من سموني عيبا وحراما
أنا من شوهوا لي الصورة..
يحاسبونني على ذنب لم أقترفه
وكأنني مجرم شديد الخطورة..
أنا من بدأت معاناتي
منذ أن كنت رضيع..
أنا من حكم علي المجتمع
بأن أضيع..
أنا من وصفوني
بالرخيص والوضيع..
أنا الذي كلام الناس
أبكاني..
وكسر شعوري وكياني..
أنا الذي سكن الحزن وجداني..
أنا الذي أعيش
بلا لقب
بلا تاريخ
أنا من ضاع عنواني..
أنا الذي لم أذق دفء العائلة
أنا من طول البكاء أعماني..
أنا الذي ولدت
من علاقة غير مشروعة..
أنا الذي حقوقي منزوعة..
أنا كطير في قفص
أو كغصن في شجرة مقطوعة..
فسامحكم الله
يا أمي
ويا أبي
فإبنكم عاش كالميت بين الأحياء..
أنتم أخطئتم
وأنا من دفعت ثمن الأخطاء..
سامحكم الله
فإبنكم عاش وحيدا
بلا إخوة بلا أحباء..
بلا سند يحميني
عند السراء والضراء..
سامحكم الله
لأنني تعذبت كثيرا
وبكيت طويلا
حتى جف من عيني البكاء..
وتجرعت كل كؤوس الشقاء..
ولكني أتمنى أن تكونوا في حياتكم سعداء..
وأنا لم أنسكم يوما في الدعاء..
وسأستمر لوحدي المسير
في رحلة البقاء..
فأنا قدري أن أكون من البؤساء..

المؤلف: علي يحياوي

تَعَب

"قد لا أعرفُ شيئًا غير أني تعبت..
هكذا من دون مُقدمات، ولا أيّ سبب واضح ومؤكد..
قد تتكاثر الأسباب إلى درجة أن يصير تعبي من دون سبب!
ولهذا أقسمُ أني تعبت وما عدتُ أقوَى على المزيد من التعب..
ألهث على ناصية الزمن، مُسترجعةً خيباتي على مهلٍ..
أتحسس سُخرية الوقت مما وصلتُ إليه..
أبكي كطفلٍ سقطت منه لعبته الحميمة في زقاق الحياة وهو ليس بقادر على القهقرى لاستعادتها من جديد، الحياة لا تعطيه تلكَ الفرصة بكل تأكيد!
تحتد صرخاته، مُحتجًا على قانون الحياة القاسي والذي لم يُراع يومًا طفولته الضائعة، طفولته التي ما عرفها يومًا!
قد يبكي، ويبكي ويبكي! دون أن يستعيد ما فقد، ودون أن يسترجع ما أضاع..
قد تختفي كل الأشياء التي كانت سببًا في وجعه، ومع ذلك يبقى الوجع!
قد تنفد صرخاته، وتجف دمعاتُه، وتختفي جراحُه،
ومع ذلك يظلُّ يتألَّم..
ولكن من المؤكَّد أن أحدًا لن يُصدقه !
- لماذا عساهُ يبكي وما من دليل دامغٍ يُثبتُ انكساره الفعلي؟
ربما عليه في تلك الحالة، أن يقهقه من شدة الوجع علَّه بذلك يُقنعهم بأن الألم عنده قد بلغ أقصى درجاته حتى أنّه اختار الضحك كوسيلة للتعبير ما دام البُكاء صار عندهم مُبتذلاً ولا يُجدي أي نفع، بات كحُجة واهية على ألم لا وجود لهُ -في نظرهِم- (ومع ذلك هو يتألَّم)..
- قد يُلغي الوجود وجود ألمِكَ، ومع ذلك تظل تراهُ وتتحسسه وتتحدث معه وتشتكيه للوقت "الذي هو أيضًا لا يصدقك!" ، لتعودَ إليه من جديد، إلى وصبك الحميم، ألمك الذي ما فارقك قط، ترتمي في أحضانه مجهشًا بالبكاء وتعترف "ما استطعتُ أن أتحمَّل عبأَك" تتوسَّله أن يخفف الحمل عن كاهلك وإذ بكَ تحنو أكثر وأكثر..
ترى أنّ جسدك واقفٌ، ولكن نفسك قد أوشكت على السقوط فتعرف بذلك أن تعبكَ لم ينقص! بل تضاعف وتضاعف...
ترى أنك لم تُثر شفقة أيًا منهم! بل ازدادت المؤامرات من حولك..
ترى أن الكثير من التحديات تنتظرك، وما زالت الحياةُ تعلفك من الأوجاع وتعلفك وتعلفُك حد "التُخمة"!
وما لا يُصدّق أنكَ تنظر في المرآة، فتُخبركَ أنّك ما زلتَ حيًا!
- نعم! برغم كتل الوجع والتعب التي تثقل على صدرك، والتي تكاد تخمد فيكَ نبض الحياة، ما زلتَ حيًا...
- أي حقيقةٍ زائفةٍ هذه ؟"

المؤلف: سوار بوغانمي

البيت والشيخ العجوز

كان هناك بيت يسكنه ثلاثة أولاد لوحدهم. عاش هؤلاء الأولاد في طفولتهم حياة جميلة ملؤها المحبة والتعاون. ومرت الأيام وكبر الأطفال وأصبحوا شباباً. وفي يوم من الأيام جاءهم شيخ كبير، سيء السمعة، وحاول إقناعهم بالسكن معهم مقابل حمايتهم وتقديم النصيحة لهم. وبعد مناقشات بينهم قرر الشباب الموافقة على دخول هذا الشيخ إلى البيت... ومرت الأيام والشيخ يقدم لهم النصائح وهم ينفذونها دون أن يناقشوه، بسبب ثقتهم به، لكنه في الحقيقة كان يحاول أن يفرق بينهم دون أن يشعروا بذلك. ففي يوم من الأيام حاول إقناع أحدهم بالزواج، رغم صغر سنه على تحمل تكاليف العيش لوحده دون معونة ومساندة إخوته. فقام الشاب بطرح فكرة الزواج عليهم فوافقوا على تزويجه وساعدوه بذلك، ومر شهر العسل جميلاً،بدأت بعده المشاكل تدب بينهم فقد صار العريس يتصرف في أمور البيت أكثر منهم، ذلك أن الشيخ أقنعه بأن له حصة أكبر في البيت ويستحق أخذ أعظم نصيب فيه بحكم أنه امرء متزوج. فحدثت مشكلة بين الإخوة بدعم ذلك الشيخ الكبير في السن، لكنها انتهت بحصول الأخ الملعوب بأفكاره على ما أراد. ولمّا أنجب هذا الأخير أطفالا نادى بأحقيته في الحصول على مزيد من المساحة. وكالعادة حدثت مشكلة انتهت باقتسام جزء إضافي من البيت لصالحه. حينها فكر الإخوة بأن يتزوجوا هم أيضاً حتى لا يخسروا حقهم في البيت وينتهي بهم الأمر إلى الشارع. فتزوج كل واحد منهم، وآتى بامرأته إلى البيت. وبعد مدة حدثت مشاكل بينهم لأن البيت لم يعد يكفي لهم، فحاول الشيخ إقناعهم باقتسام البيت بينهم، مقابل أن يكون له حصة في كل قسم من الأقسام التي يقتسمونها -كل على حدى- دون علم أحد منهم بالقطعة التي خصصها الآخر. فاقتسم الثلاثة البيت، وأصبح هناك ثلاثة بيوت صغيرة جداً، وللشيخ نصيب في كل منها. وحين لم يكتف ذلك الشيخ بهذه القسمة، قام بتحريض الزوجات على الأزواج، بحجة توسيع البيت كل أسرة، ففكروا كيف يمكنهم توسيع البيت وهم لا يملكون من المال ما يكفيهم؟ هنا تدخل الشيخ وأقنع أخا منهم بقتل أحد إخوته، وبالتالي يتم تقسيم حصته على الآخرين. فتم ما أراد... ولمّا علم الأخ الثالث أن الأخ الأول قد قتل أخاه الثاني، قرر أن ينتقم لأخيه فقتل أخاه الأول، وبالتالي فإن البيت لم يبق إلا له. لكن لمّا علمت زوجة الأخ الأول بأن الأخ الثالث قد قتل زوجها، قررت أن تنتقم لزوجها، فقتلت الأخ الثالث وزوجته. حينها علمت زوجة الأخ الثاني -الذي كان ضحية الأخ الأول- أن البيت أصبح لزوجة الأخ الأول -قاتل زوجها- فقررت أن تأخذ بثأرها فقتلتها. وبالتالي بقي البيت لزوجة الأخ الثاني، وتقاسمته مع الشيخ الذي تبين فيما بعد أنها كانت متفقة معه على هذه الخطة منذ البداية.
الممثلون:
الشيخ: الولايات المتحدة الامريكية.
الزوجة التي لم تمت: إسرائيل.
الزوجتان الأخريان: إيران والسعودية.
الإخوة: الشيعة، السنة، الأكراد.
البيت: العراق.

المؤلف: مهند الراوي

الثلاثاء، 25 أغسطس 2015

سحر من نوع خاص

وقفتُ أتأملكِ، أتأمل ملامحك، أتأمل حسنك، أتأمل ابتسامتك، أتأمل وجنتيك الممتلئتين الزهريتين، أتأمل عينيك الساحرتين. ما إن نظرت إليهما حتى غرقت في بحرهما، سبحت وغصت في أعماقهما، فوجدتني في أعماق أكثر سحرا من سطحهما، وجدت عالم الحب، وجدت عالم البراءة، وجدت عالم الحنان. وجدت عالما لن يرضى مغادرته إنسان، وددت لو أبقى وأتربع هناك، وددت لو كان ذلك موطني، فلا أهاجر منه إلى أي مكان، وددت أن أبقى بقربك دوما، لأسبح بعينيّ في عينيك كلّما اشتقت إلى الحب والحنان، فالعالم هنا غاب وحوش، وخوفي كل خوفي أن ترحلي عنيّ، بل خوفي الأكبر أن يجرح عينيك وحش من تلك الوحوش.
فابقي بقربي كي أحميك وأسبح في بحر عينيك وأملأ قلبي من عالمك بالحب والبراءة والحنان.
ابقي بقربي، فأنا أحوج إليك، إن كنت أنت بحاجة إليّ. يا موطن الحب كوني موطني،يا بحر الحنان دعيني أغوص فيك، وطهري قلبي من خبث الخبيثين ببراءتك. اقبليني أيتها الساحرة بسحر من نوع خاص، وما أسعدني مسحورا بسحرك أيتها الساحرة.
لو تقبلينني، لنثمر بحبنا أزهارا تكتسح الشوك، وتنصرف الوحوش عن عالمنا ليعود جميلا. لو تقبلين، لنملأ العالم من عالمك حبّا، صفاء وحنانا. لو تقبلين، لتحيا بنا الأرض بعد موتها. لو تقبلين لنخلد في جنات النعيم.
ما استطاع إلاّ أن يقول هذه الكلمات، لمّا رءاها تزينت بالحياء، وقد وضعت تاج العفة على رأسها، لتكون ملكة العالم الساحر، وقد كانت عصاها تلك الساحرة؛ التزامها بأوامر الرحمن وكانت بلورتها السحرية، قلبها الطاهر بالإيمان، فكان النظر في عينيها غوصا في بحر الحب والبراءة والحنان.
وهو الذي ما أراد في هذا العالم الفاني، سوى أن يكتمل بالتي على الخير تدله وعلى فعله تعينه، التي في هذا العالم تكون له عونا وسندا لحجز مكان في عالم خالد؛ عالم لا شوك فيه ولا وحش، عالم لا خوف فيه ولا حزن، عالم هو الأمن والأمان والسعادة تحت عرش الرحمن، يده في يدها يمضيان، مبتغاهما رضى رب الأكوان، بالعمل بما يرضيه والتزود بتقواه.
ومن هي؟ سوى تلك التي تزينت بالحياء وتتوّجت بالعفة وطهرت قلبها بالإيمان. أنت أيّتها الطاهر، اقبلي هذا المريد للخير، فيسعد وتسعدي وتسلكا الطريق إلى الجنان، وليكون من خَلَفِكما الصالحون وليقبلكما ربكما قبولا حسنا، وليسكنكما الجنان.

المؤلف: إيمان لعمش

مالي أرى دمعي وليس يـــراه

مالي أرى دمعي وليس يـــــــــراه ... قلب أحب و أرجو أن ألقـــــــــــاه
يغزو الفؤاد بحبه و دلالـــــــــــــه ... يجافيني جهرا و لست أرجو سواه
ليل يمر و ألف يوم مـــــــــــــــــر  ...  و ألف عام و الهوى يهــــــــــــواه 
لغة السنون تألمت و تأوهـــــــــت  ...  والدهر خاف حبها يخشـــــــــــــاه
والشمس تنسى شروقها و غروبها  ...  والبدر فر و غير مرســــــــــــــاه
والغيث حر من السماء تهاطـــــل  ...  وقت الشروق والغيم ليس تــــــراه
قلبت موازين الحياة بسحرهـــــــا  ...  قلبته كونا خلقت ياربــــــــــــــــــاه
أتراني أشقى في النعيم و أقبـــــل  ...  ظلم الحبيب و هجره و جفــــــــــاه
أم أحتسي السم الزعاف حتى الفنا  ...  فناء قلبي لتسعد أرضــــــــــــــــــاه


المؤلف: محمد الصادق

أما آن الأوان أن ننفصل

كم أنت غريب يابن آدم بكبسة زر واحدة تفرح.. تحزن
بكبسة زر واحدة تتأزم... ينفجر صدرك فرحا
جعلنا أنفسنا عبيدا لذلك الزر...
لذاك العالم الوهمي...
رغم أننا ندرك أنه وهمي وانبنى من ذلك المنطلق
من تلك الكلمة..
"وهم"
إلا أنه بقي لنا، في نفوسنا، في عقلنا الباطن...
سببا للتأزمات النفسية والجروح البليغة التي لم تضمدها الأيام ولن..
إلا حينما ندرك أن علينا ألا نشيد الوهم في حياتنا كأداة أساسية فيصبح الفرد منا ما بين الشهيق والزفير لا يدرك طعم الحياة ولا يعي ماهي قيمة الأنفاس التي قد مرت عليه عبر الحقبات الزمنية الفارطة..
وفرط من خلال ذلك في حقه..
في ضحكة كان من الممكن أن يعيشها
من بسمة ندية تغمر ثغره لكنه استخصرها في نفسه
علينا أن نفصل..
ذلك ما ينقصنا حقا..
فالوهم وهم والحياة حياة
الواقع يبقى واقعا وإن أردت الخير فلا تنتظر منه أن يأتيك بل جسده على أرضك
على تراب دنياك
اغرس تلك الصداقة وحولها من وهم إلى حياة
واجعل الدنيا تبتسم لك من جبروت إصرارك على المضي قدما نحو...
الأسمى والأرقى لنفسك...
لك أنت..
قبل كل شيء.

المؤلف: هشام ذويب