الثلاثاء، 4 فبراير 2014

هل من مبادرة بطولية؟

يبدو أن صدري يضيق شيئا فشيئا ضد الوضع الحالي في تونس..
و يبدو أني ما عدت أطيق مزيد التبريرات الواهية..
و يبدو أني ما عدت سأقبل أيا مما يحدث في هذه البلاد..
و أرجو ممن لن تعجبه تعاليقي أن يمر و يدعني و شأني فكل شاة معلقة من كراعها..
من الآخر و إلى الآخر و تحبوا ولا تكرهوا : البلاد هاذي ضايعة فيها و لا أرى لها حلا سياسيا..
الحل في سواد حالة من الثقة و الصدق في المجتمع و ليذهب أهل السياسة بيمينهم و يسارهم إلى جحيم شرورهم..
هل من تصور أو صياغة لصناعة مجتمع قوي متماسك بعيدا عن وسخ السياسة و السياسيين؟
هل من مبادرة بطولية؟

العقل المسلم بين محاولات إفقاد الثقة فيه و ضرورة إطلاق ممكناته

ضرورة العمل على اعادة منهج جديد في تحقيق الأخبار الواردة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم هي واجب ينتظر رجاله.. و الحمد لله هناك بعض البوادر هنا وهناك تبعث فينا الأمل.. لكنها لا تزال محاولات لا تلبي حاجة الملف الشرعي الكبير الذي ينتظر الأمة حتى تتمكن من الإجابة عن سؤال : كيف يمكن للدين أن يكون حافزا للعودة بالأمة إلى الدورة الحضارية لا معرقلا لها..؟ قام البخاري و مسلم و ابن حنبل و الشافعي و غيرهم، و هم بشر، بنحت مناهج بشرية قابلة للتطوير.. فلِمَ لا يجتهد العقل المسلم المعاصر إلا في إفقاد الثقة في العقل البشري فيَحُول دون إنتاج مناهج جديدة في أصول الحديث و أصول التفسير و أصول الفقه..؟ أم أن العقل قد بلغ منتهاه في العجز أمام كل ما قدمه أسلافنا؟

أنوّه هنا إلى ضرورة التمييز بين إكتمال الدين بإكتمال وحي السماء للأرض و بين ضرورة إطلاق ممكنات الإنسان.. القرآن الكريم تضمن القيم و الجمل المحكمات العامة ليبقى صالحا لكل زمان و مكان و ترك للعقل المسلم المهمة الإبداعية: مهمة تحويل تلك القيم إلى أنظمة و أجرأتها في واقع حي مُعاش بعيدا عن الشعارات و الدندنات التي تدغدغ المشاعر و لا تُبقي أثرا..

متى نفهم أن إكتمال الدين هو إِذْنٌ إلهي بإطلاق الممكنات داخل الإنسان ذلك المجهول؟

نعم هو كمال القضقاضي، لكن من وراءه؟

الحقيقة أنا أصدق أنه كمال القضقاضي..
التشكيك ليس في العملية و لا في رواية الداخلية، التشكيك هو في قصة القضقاضي الإرهابي نفسها.. لولا أن صورة الجثة توحي ربما أن الجثة مجمدة حسب أطباء..

هذا الشخص الذي ينوي قلب نظام الحكم وحده، و في قصة الاغتيالات التي قام بها هذا الإرهابي لوجه الله !
أنصار الشريعة المتطرفون الذين يكرهون الشعب التونسي !
من قدم المعلومات عن وجوده و أحبط إمكانية عودته للعمل؟

نعم قتلته الداخلية لكن أتعلمون أنه بقتله تدفن كل الحقائق؟ من يقف وراءه و لماذا يحركه و متى يحركه؟ و من أين يأتي بتمويلاته؟ و ما علاقته بالمخابرات الدولية؟

بينما يفرج صندوق النقد الدولي على الدفعة الثانية من القرض و يهنئ الاتحاد الاوروبي ويعلن دعمه و تهنئ امريكا وتدعو رئيس الوزراء جمعة لزيارتها..

بينما أخرجت النهضة من الحكم بفضل القضقاضي و قبر المسار شبه الثوري الذي كنا نمضي فيه بفضله، و عاد الشعب التونسي إلى الخوف و الرعب.. و أصبح مهدي جمعة وزير شركات الطاقة العالمية الذي عاد لتوه من الجزائر ذات الخبرة في الإرهاب بطلا قوميا و انتهت المرحلة القبيحة من تاريخ تونس، تلك المرحلة التي صدق فيها التونسيون أنهم أحرار، مرحلة حكم المنتخبين و مرحلة المسار التأسيسي..
و بينما يرفع في نفس اليوم تحجير السفر عن كمال اللطيف و كمال مرجان و يحكم بالسجن على الثائر ياسين العياري و ينسى التونسيون تسريبات الفلاقة التي تفضح صفحات عددا من الشخصيات أولهم منذر ثابت و أصدقاء بن علي، و يقف اليوم رفيق عبد السلام أمام المحكمة !

ما حدث لم يكن ربيعا عربيا

الثورات العربية عمليات تنفيس عن براكين كبيرة..
يعلم راصد الجيولوجيا أنها قد تنفجر فلا تبقي و لا تذر يوما ما، فيعمل على تنفيسها بانفجارات صغيرة لتخفيف الضغط بأقل قدر ممكن من الخسائر، لإيهام الشعوب بحدوث الانفجار الكبير و إضاعة الجهد و إنفاقه على جرعات..
ليست القوى الدولية هي من صنعت الثورات بالضبط، و لكنها اغتنمت الفرصة لتنفيذ مخطط تخفيف الضغط بدءا بتونس، علما و أنها لم تصنع ما حدث في تونس و لكنه عملت على إنجاحه ليكون المثال الذي تسوق به التجربة، و عملت بعد ذلك على المساعدة على استنساخ عمليات مشابهة في غيرها من الدول..
من الطبيعي جدا إعادة الوضع إلى ما كان عليه أو حتى أسوأ مما كان عليه.. باللين و السياسة كما هو الوضع في تونس، بالقوة و العنف كما هو الحال في مصر و سوريا، و بما بين الحالتين من ممكنات كما هو وضع ليبيا و اليمن و المغرب..
ما حدث لم يكن ربيعا عربيا.