‏إظهار الرسائل ذات التسميات السياسة. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات السياسة. إظهار كافة الرسائل

الأربعاء، 26 أغسطس 2015

البيت والشيخ العجوز

كان هناك بيت يسكنه ثلاثة أولاد لوحدهم. عاش هؤلاء الأولاد في طفولتهم حياة جميلة ملؤها المحبة والتعاون. ومرت الأيام وكبر الأطفال وأصبحوا شباباً. وفي يوم من الأيام جاءهم شيخ كبير، سيء السمعة، وحاول إقناعهم بالسكن معهم مقابل حمايتهم وتقديم النصيحة لهم. وبعد مناقشات بينهم قرر الشباب الموافقة على دخول هذا الشيخ إلى البيت... ومرت الأيام والشيخ يقدم لهم النصائح وهم ينفذونها دون أن يناقشوه، بسبب ثقتهم به، لكنه في الحقيقة كان يحاول أن يفرق بينهم دون أن يشعروا بذلك. ففي يوم من الأيام حاول إقناع أحدهم بالزواج، رغم صغر سنه على تحمل تكاليف العيش لوحده دون معونة ومساندة إخوته. فقام الشاب بطرح فكرة الزواج عليهم فوافقوا على تزويجه وساعدوه بذلك، ومر شهر العسل جميلاً،بدأت بعده المشاكل تدب بينهم فقد صار العريس يتصرف في أمور البيت أكثر منهم، ذلك أن الشيخ أقنعه بأن له حصة أكبر في البيت ويستحق أخذ أعظم نصيب فيه بحكم أنه امرء متزوج. فحدثت مشكلة بين الإخوة بدعم ذلك الشيخ الكبير في السن، لكنها انتهت بحصول الأخ الملعوب بأفكاره على ما أراد. ولمّا أنجب هذا الأخير أطفالا نادى بأحقيته في الحصول على مزيد من المساحة. وكالعادة حدثت مشكلة انتهت باقتسام جزء إضافي من البيت لصالحه. حينها فكر الإخوة بأن يتزوجوا هم أيضاً حتى لا يخسروا حقهم في البيت وينتهي بهم الأمر إلى الشارع. فتزوج كل واحد منهم، وآتى بامرأته إلى البيت. وبعد مدة حدثت مشاكل بينهم لأن البيت لم يعد يكفي لهم، فحاول الشيخ إقناعهم باقتسام البيت بينهم، مقابل أن يكون له حصة في كل قسم من الأقسام التي يقتسمونها -كل على حدى- دون علم أحد منهم بالقطعة التي خصصها الآخر. فاقتسم الثلاثة البيت، وأصبح هناك ثلاثة بيوت صغيرة جداً، وللشيخ نصيب في كل منها. وحين لم يكتف ذلك الشيخ بهذه القسمة، قام بتحريض الزوجات على الأزواج، بحجة توسيع البيت كل أسرة، ففكروا كيف يمكنهم توسيع البيت وهم لا يملكون من المال ما يكفيهم؟ هنا تدخل الشيخ وأقنع أخا منهم بقتل أحد إخوته، وبالتالي يتم تقسيم حصته على الآخرين. فتم ما أراد... ولمّا علم الأخ الثالث أن الأخ الأول قد قتل أخاه الثاني، قرر أن ينتقم لأخيه فقتل أخاه الأول، وبالتالي فإن البيت لم يبق إلا له. لكن لمّا علمت زوجة الأخ الأول بأن الأخ الثالث قد قتل زوجها، قررت أن تنتقم لزوجها، فقتلت الأخ الثالث وزوجته. حينها علمت زوجة الأخ الثاني -الذي كان ضحية الأخ الأول- أن البيت أصبح لزوجة الأخ الأول -قاتل زوجها- فقررت أن تأخذ بثأرها فقتلتها. وبالتالي بقي البيت لزوجة الأخ الثاني، وتقاسمته مع الشيخ الذي تبين فيما بعد أنها كانت متفقة معه على هذه الخطة منذ البداية.
الممثلون:
الشيخ: الولايات المتحدة الامريكية.
الزوجة التي لم تمت: إسرائيل.
الزوجتان الأخريان: إيران والسعودية.
الإخوة: الشيعة، السنة، الأكراد.
البيت: العراق.

المؤلف: مهند الراوي

الاثنين، 24 أغسطس 2015

اشتدّي يا أزمة تنفرجي

اشتدّي يا أزمة تنفرجي.

كلما اشتدت المصائب على الأمة زاد انفعالي وتوتّري. ومن منا تمرّ عليه أخبار الجرائم في حق الإنسانية دون أن ينقبض لها قلبه، ويضيق بها صدره، وينفذ من انتظار الحلول لها صبره؟
لكنني تذكرت قبل قليل، ما أودّ تذكيركم به أيضا. تذكرت أن لكل شيء قمّة، وبعد القمة والتصاعد نحوها يكون النزول عنها، وذاك النزول قد يكون في منحدر خفيف آمن، وقد يكون إلى هاوية!
وإنّي واثقة بأن الأحداث المتصاعدة في الساحة منذ زمن طويل آيلة إلى الانحدار بفضل الله.
وأولئك الذين شعروا بانزلاق أرجلهم عن السلطة أقسموا أن يعيثوا فيها فسادا أكبرا حتّى لا ينتفع غيرهم من بعدهم. إني أراهم والتيار يجرفهم، يمسكون بالغطاء الأرضي مسك مُدرك لخطر نهايته، يسحبون معهم أكبر قدر ممكن من الثروات مادية كانت أم بشرية.
ولكن يحزّ في نفسي أنّ ضحايا جشعهم يتعذبون. فسبحان الله الذي جعل لهؤلاء أجر الثبات والصبر، ولأولئك ثمن الظلم والبطش. وفي كل مسار عظيم وجبت التضحية في سبيل بلوغ برّ الأمان. والله لا يُضيّعُ أجر أحد من العالمين.
وإني رغم حلكة الظلام الذي غطّت فيه الشعوب نياما، أستبشر باقتراب فرج جميل.
#الحمد_الله

المؤلف: مريم الشول

السياسة والسلوك الإنساني

تلعب السياسة دوراً مهماً في كل مجالات الحياة الإنسانية، وتخترق الحواجز الممنوعة، وترتبط بالسلوك الإنساني ارتباطاً وثيقاً. ذلك أن الإنسان هو السياسة والسياسة هي الإنسان. كما يقول المؤسس الأول لعلم السياسة، أرسطو، مخاطباً الإنسان: "إن لم تكن سياسيا فأنت أحد أمرين: إما أن تكون فوق السياسي (بمعنى إله) أو تكون تحت السياسي (بمعنى حيوان)". لذلك كان ارتباط السياسة بالبشر ارتباطا عضويا طبيعيا.
إنّ الفكر السياسي يُعدّ من الخصائص الملازمة للإنسان، فهو المخلوق ((السياسي)) الوحيد من بين المخلوقات الحية. إذ أن العديد من المخلوقات تحيا ضمن تجمعات تختلف درجة تنظيمها. لكن عند ملاحظة العلاقات السلوكية لمجتمع البشر، تبدو ظاهرة السيطرة كعلاقة غير متكافئة، فالإنسان وحده من يعرف السلطة في علاقاته الاجتماعية. وهو متغير ومتجدد بطبعه، والسياسة تتعامل مع التجديد والتغيير والإصلاح، وكما يصفها الدكتور حسن صعب في كتابه علم السياسة: "هي القيام بالأمر بما يصلح". والإصلاح يتطلب التغيير والتجديد، فلا سياسة إلا في تجمعات تتجدد. وبما أن السياسة تتعامل مع السلطة وليس السيطرة، وأن الإنسان يتعامل مع السلطة وليس السيطرة، وأن السلطة تتطور أما السيطرة فتتكرر، بذلك يكون الإنسان سياسيا بطبعه.

كما أن السياسة جزء من المجتمع الإنساني الذي هو عبارة عن مجموعة من الناس والأفكار والمشاعر والأنظمة، والسياسة شأن يخص المجتمع ويؤثر فيه، كما أنّ التعليم والاجتماع والإعلام والقانون والحرب والسلام والاقتصاد كلها أمور تهم الناس جميعا وتتأثر مباشرة بقرارات الحكومة وممارستها، بالتالي كل إنسان يتعامل مع هذه المجالات هو بلا شك يتعامل مع السياسة.

والسياسة كسلوك هي رعاية شؤون الفرد -الإنسان- والمجتمع، فكل من يهتم برعاية شؤون نفسه ومجتمعه هو سياسي أو على الأقل هو يمارس السياسة حتى وإن لم يكن صاحب منصب حكومي أو حزبي أو حركي.
وبذلك فإن السياسة تدخل في كل مجالات الحياة الإنسانية الفكرية منها والسلوكية، إذ لا مجال للإنسان أن يكون بعيدا عنها بأي شكل من الأشكال، فحتى محاولة إبعاد الآخر عن السياسة هو بحد ذاته ممارسة لها.

هذا فيما يخص السياسة المحلية، أما علاقة الإنسان بالسياسة الدولية، فهي وإن كانت أقل شأناً، إلا أنها مرتبطة به وهو مرتبط بها كذلك، ولو بشكل غير مباشر. فثمة توجه من قبل الإنسان لفهم أبعاد السياسات الخارجية للدول، بما أنها أصبحت تؤثر عليه بفعل التداخل في ارتباطات السياسة بين كل العالم، وذلك مع تسارع الأحداث في الساحة العالمية بشكل غير معهود من قبل، فما يحدث في مكان معين في العالم يؤثر في مكان آخر بشكل ما. بما أنّ السياسة في كل أنحاء العالم مرتبطة بالسياسة في كل أنحاء العالم. و كما يقول برجنسكي مبيناً اقتحام الإنسان لعالم السياسة: إن العالم اليوم يعيش ما أسماه "الصحوة السياسية العالمية".

إذن، فالإنسان سياسي بالفطرة، يميل إلى السياسة وتميل إليه، كلما ابتعد عنها اقتربت منه، وكلما اقترب منها ازدادت غموضاً، لكنه لا يستطيع العيش دونها لأنها مرتبطة بحياته بشكل مباشر أو غير مباشر.

المؤلف: مهند الراوي

التدين الجديد

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله -صلي الله عليه وسلم-
وبعد، فإن ظاهرة التدين الجديد قد اغتالت عقول الشباب، خاصة منهم أصحاب الطبقات العليا، وأثرت بدورها على الأوساط الإسلامية، واغتالت الدين في أصله...

الجماهير تميل بطبعها إلى من يسهل عليها أمر الدين ويجعله غير باهض التكاليف. و لعلّ ما نلاحظه من خطاب موسى عليه السلام للرسول صلى الله عليه وسلم -بأن يطالب ربه بتخفيف الصلاة، وذلك لما عالجه من بني اسرائيل من قبل- ليس إلا دليلا على أن الجماهير تحتاج دينا يلبي لها مطالبها ولا يتنافي مع طموحاتها ولا شهواتها الدنيوية..
وإذا أضفنا لهذه الرغبة خوف هذه الجماهير على مصالحها ومتعها الدنيوية وميلها إلى الترف والدعة... فإن الأمر يكون أكد في أن تبحث هذه الجماهير على من يخفف عليهم هذا الدين ويزيح عنهم وطأته..

إنها -هذه الجماهير- لتجد بغيتها في هذا التيار الذي سمى نفسه بتيار التجديد، وتجد فيه ركنا تأوي إليه لتسهيل أحكام الدين بما لا يمنعهم أبدا من الانفتاح على الثقافة الغربية...
والشباب أنفسهم هم من اخترعوا لأنفسهم هذه الثقافة الجديدة التي سموها ظاهرة "الدعاة الجدد"، كنوع من الموضة وجدوا فيها منفذا للتنفيس عن احتياجاتهم الإنسانية المتناقضة...
لكن الخطاب الديني للدعاة الجدد لا يعدو أن يكون خطاب تلبية للاحتياجات الدينية للنخب والطبقات العليا، ومحاولة منهم لتقديم إسلام يحمل مواصفات خاصة لأبناء هذه الطبقة، بما يلبي رغبتها الحقيقية في التدين، وألا تحمل شعورا بالذنب تجاه وضعها الاجتماعي... هذا الدين صاحب المواصفات الخاصة لن تجده هذه الشرائح في خطاب الشيوخ التقليديين.
أمّا الأنظمة العلمانية فتشجع هذه الظاهرة الجديدة بشدة، باعتبارها ظاهرة لا تمس السياسة ولا ترى فيها مأربها. وفي تصريح لأحد هؤلاء الدعاة الجدد لصحيفة الشرق الأوسط يقول "إن الابتعاد عن السياسة كان سر نجاح هذه الظاهرة وما يميزها عن خطاب جماعات الإسلام السياسي الأخذ في الأفول، كما أن التدين الجديد، ذو الطابع المتعَوْلم، دائما ما يترعرع بعيدا عن الأوساط السياسية"..

إن الدول الغربية تدرك هذه الحقيقة، وتستعملها في خدمة أغراضها ومطامعها. فعقب أحداث 11 سبتمبر، في ظل فشل الخطاب الديني الرسمي، المتمثل في الأزهر في مصر، وفي ظل زيادة إقبال الناس على التدين وتصدُّر العلماء والدعاة بخطاب إسلامي علمي مؤصل وفقه للواقع وتقديم رؤية شاملة للإصلاح السياسي، تقوم على أساس الدين الصحيح... هذا الأمر الذي يهدد مستقبل الأنظمة العلمانية في هذه البلدان... اتجهت الأنظمة العربية إلى صياغة بديل قادر على حرف مسار التيار، وكان هذا التيار متمثلا في هؤلاء الدعاة الجدد. 

إن مجرد الاختلاط بهذه الأوساط الدعوية ولمس تصرفها في الواقع، يجعل المرء ولأول وهلة لا يرى كثيرا فرق بينه وبين الذين يمارسون حياتهم دون رقيب من الدين..
ثمة رخص ملحوظ على سلوكياتهم (فتيات يضعن المكياج - ملابس ضيقة - التعطر والنمص - سماع موسيقى - متابعة الأفلام في السينما العربية والغربية...).
إنهم يدعون إلى نشر ثقافة التسامح مع الكفار والمبتدعة بشكل يمس ثوابت الدين ويتجاوز الحدود الشرعية في معاملة أهل الكتاب...
وهذا مجتمع يجمع بين المتناقضات في شكل لا يستساغ أبدا، إذ يجعل من الشخصية المتدينة تذهب للشواطئ في حضور النساء والعري، ويسوغ ذلك عنده بأدلته المزعومة... تجعل منه شخصية ترى التمثيل فنا تدعو إليه الديانة وتشجعه.

لكن هذا التجديد في الدين وتطويع الـحكام حسب الرغبات وحسب الرائج، هو مفهوم ينافي مقصد الديانة من "تحديث الناس على قدر عقولهم". فإن التطويع الدائم لأحكام الدين وثوابته تجعلنا، في النهاية، أمام دين جديد قابل للتغيير ولتجديد والتعديل حسب أهواء الناس المتناقضة والمتغايرة وحسب سياسات البلد التي تسيطر.

هذه دعوة تقدم للشباب وجبة شهية من (الدين اللذيذ) دون (التكليف المرّ). إنه دين لا شوك فيه.
نحن أمام دين "نيولوك"... ربما يظهر بشكل أكثر أناقة إذا استمر الوضع. أمام نوع فريد من الدعاة الجدد الذين يمثلون الطبعة الإسلامية الليبرالية الجديدة.
-يتبع-

المؤلف: عبدالله مصطفى

التوظيف الخاطئ للدين

صحيح ليس الإسلام كالكنيسة، لكن التاريخ يثبت تشابههما في سوء التطبيق.
في المسيحية طمع رجال الدين في السياسة، وفي الإسلام أدخل الساسة الدين لتلبية مصالحهم وللوصول إلى السلطة.
وهذا التوظيف الخاطئ للدين في كلا التجربتين تسبب في صراعات خطيرة وانقسمات طائفية كبيرة، واستعمل فيهما التعذيب والاغتيال ضد الخصوم، وغرق الحكام في الشهوات والترف..
مشكلتنا اليوم، وطيلة قرون خلت، أننا عوض أن نهتم بالتقدم والتطور، ظلت أعناقنا ملويّة للوراء، ونسعّر نيران الفرقة بتذكير عبر عضنا البعض بحوادث قديمة لا نستطيع الوثوق حتّى في كتب التاريخ التي نقلتها..
يا ناس لن يسألنا الله يوم الحساب عن رأينا في الطائفة الفلاني أو القائد الفلاني ولكن سيسألنا عن تعاملنا نحن مع #القرآن وعن أخلاقنا مع العالمين وعن كيفية استغلالنا لنعمه...
لماذا يتقدم الآخرون للأمام، ووحدها الأمة العربية تسير للخلف!؟؟؟؟

المؤلف: مريم الشول

السبت، 22 أغسطس 2015

المهنة بين السياسة والطب


دائماً ما يقال بأن السياسة عبارة عن كلام لا فائدة منه وأن دراسة العلوم السياسية لا تجدي نفعاً لأنها مجرّد كلام يخلو من التطبيق، ومن الأفضل إلغاء هذه الكليات (العلوم السياسية) والاتجاه بدلاً من ذلك إلى كليات الشُعب التطبيقية كالرياضيات والطب لأنها أكثر فائدةً للإنسان وقد أثبتت نجاحها.

وهذه نظرة سطحية جداً للأمور، لها زاوية واحدة ضيقة جداً، لأن الذين يتهمون العلوم السياسية بعدم الفائدة هم أصلاً ليسوا مختصين في العلوم السياسية والقاعدة الفكرية تقول (فاقد الشيء لا يعطيه)، فضلاً عن أنهم ينظرون إلى السياسية من خلال ما يحدث على أرض الواقع من فشل سياسي. وهذا صحيح إلى حد ما! لكن في نفس الوقت الفشل في تطبيق الاختصاص لا يعني أن الاختصاص فاشل، وليس مدعاة إلى إلغاء الاختصاص ككلّ، لأن الطبيب عندما يفشل في عملية جراحية معينة فهذا لا يدعو إلى إلغاء اختصاص الطب بسبب فشل بعض الأطباء في التطبيق وإنما الفشل من الطبيب نفسه.
وكذلك الحال بالنسبة للعلوم السياسية فإن الفشل السياسي على أرض الواقع ليس حجة لإلغاء هذا الاختصاص أو اتهامه بأن لا فائدة تُرجى منه، فالخلل في التطبيق وليس في الاختصاص. والسؤال الذي يطرح نفسه بالنسبة لهؤلاء السياسيين: هل هم خريجو علوم سياسية؟ والجواب أن أغلبهم لم يتخرجوا من جامعات ومعاهد العلوم السياسية، ناهيك عن أن أغلبهم ليس لديهم شهادات أصلاً! وهل تعتقد أن لديهم مستشارين سياسيين بالمعنى الحقيقي للمستشار السياسي الذي درس العلوم السياسية؟ بالطبع الجواب لا! إذ أنهم لا يعرفون ((ألف باء)) السياسة أصلاً! فضلاً عن أن الكثيرين الذين يُدرّسون العلوم السياسية هم أصلاً غير مختصين في العلوم السياسية. والذي يُدرس في غير اختصاصه هو كالذي ليس لديه اختصاص أصلاً لأنه كما قلنا (فاقد الشيء لا يعطيه).

وعليه، فكما أن الطبيب لا يستطيع أن يمارس الطب وإجراء العمليات الجراحية إلا بعد أن يدرس الطب ويقوم بعمليات تجريبية، وإذا ما أتى شخص وحاول أن يمارس الطب دون أن يدرس الطب فإنه سيتسبب بمقتل الناس. فالإنسان عندما يتمرض يذهب إلى الطبيب وكذلك الذي يريد أن يبني بيتاً يذهب إلى مهندس. فمن باب أولى أن الذي يريد أن يمارس السياسة يجب عليه أن يدرس السياسة أو على الأقل أن يكون لديه مستشارون متخصصون، لأن مهنة السياسة هي أخطر مهنة عرفها الإنسان، والذي لا يجيد هذه المهنة من الممكن أن يتسبب في إيذاء الآخرين. فالطبيب إذا أخطأ في العملية الجراحية فإنه يتسبب بمقتل شخص واحد فقط، وإذا ما نجح في العملية الجراحية فإنه يكون قد أنقذ حياة إنسان واحد فقط. في حين أن الذي يمارس السياسة إذا أخطأ في العملية السياسية فإنه قد يتسبب بمقتل وذهاب شعب بأكمله، وكذلك في حال نجاحه في العملية السياسية فإنه سيكون قد أنقذ شعباً بأكمله وذهب به إلى برّ الأمان.

إذن فالعلوم السياسية، والسياسة بصورة عامة، هي أهم وأخطر من أي اختصاص آخر، بما في ذلك اختصاص الطب. لذلك لابد من الاهتمام بالعلوم السياسية كونها من أهم العلوم التي تنهض بها الأمم والمجتمعات، فلو ألقينا نظرة إلى الدول المتقدمة وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية التي يوجد فيها أكثر من (50) عالم في السياسة وأكثر من (2500) مركز دراسات مختص في العلوم السياسة من مجموع (4000) مركز في جميع أنحاء العالم، سنجد أن اختصاص العلوم السياسية هو من أهم الاختصاصات التي تهتم بها هذه الدولة التي وصلت إلى مرتبة الدولة الأولى في العالم في كافة الاختصاصات، لأن كل تقدم في أي مجال يحتاج إلى قرار سياسي ناجح وناضج ورشيد. ولأن هذا الاختصاص هو الذي يقود الاختصاصات الأخرى من خلال أن صانع القرار الذي يجب أن يكون لديه إلمام كافي بالعلوم السياسية هو الذي يصنع النهضة إذا استطاع التعامل بحكمة سياسية في قيادة الدولة والمجتمع. فهلا اتعظنا واهتممنا بهذا الاختصاص الذي يكاد يكون قد انتهى من الناحية العملية في بلداننا العربية.

إذا كانت الرياضيات هي لغة الكون فإن السياسة هي لغة الانسان، وإذا كان الطب يعالج أفراداً فقط، فإن السياسة تعالج أمماً وشعوب.

المؤلف: مهند الراوي

حمزة بن دلّاج: بطل حقيقي أم صناعة الإعلام العربي

اجتاح مواقع التواصل الاجتماعي وبعض القنوات العربية خبر زلزل الدنيا ولم يبقَ عربيٌّ على وجه البسيطة لم يسمع به ويفخر بخبر كهذا الخبر منذ 2013: إيقاف
تعليق الإعلام العربي (انتبه هراء): حمزة بن دلّاج من أكبر 10 هاكرز في العالم اخترق أكثر من 200 مؤسسة بنكية وسرق منها 4 مليار دولار وتبرع بالأموال لجمعيات فلسطينية وجمعيات في أفريقيا السوداء ودمر مواقع إسرائيلة و... و... وصدر فيه أخيرا حكم بالإعدام.
الحقيقة: حمزة بن دلّاج كان على اتّصال بمطوّر البوتنات"SpyEye" الروسي "Alexander Andreyevich Panin" الذي استعمله ليخترق حرفاء من 253 مؤسسة بنكيّة. حمزة بن دلّاج ما كان إلا "سمسارا" يقوم بتسويق هذا البرنامج بأثمان تتراوح من 8000 إلى 15000 دولار. والحكومة الأمريكية بدورها تطرد هذا النوع من اللصوص وهو أمر عادي وليس لخطورته المزعومة.. إلا أننا كعرب نعشق أدوار البطولة اللامتناهية..
العرب عموما يحبون أدوار البطولة في كل شي حتى وإن كان البطل لصًّا مساهما في تخريب النظام المصرفي العالمي، لماذا لم يقم البلغريون بتمجيد البلغاري الذي مسك مع حمزة؟ لأنه لص..
العرب يعانون من إزدواجية في التفكير -غاية في الغرابة- أولا لم يفهموا أن اللص لص ولو سرق مال فرعون ولابد أن ينال جزاءه، ولا يكفي هذا بل لمجرد أنه جزائري نسبت إليه أعمال خيرية لجمعيات فلسطينية..
باختصار مازلنا لا نعلم كيف نقرأ الخبر ومن أين نأخذه.. يا أخي تريثوا قبل لعب أدوار البطولة..
وبالنسبة للمصدر:
http://krebsonsecurity.com/tag/hamza-bendelladj/
http://www.funinformatique.com/le-proces-du-hacker-algerien-hamza-bendelladj-fixe-au-5-octobre/
https://lemontrealdz.wordpress.com/2014/01/29/etats-unis-un-co-accuse-du-hacker-hamza-bendelladj-plaide-coupable/


المؤلف: غازي نهيدي

التفكير المستقبلي

كان التفكير في المستقبل أحد أهم الهواجس التي شغلت فكر الإنسان منذ بداية ظهوره على سطح الأرض في العصور المبكرة جدا وخلال كل مراحل التاريخ. فقد كان تفكير الإنسان يرصد دائما الأحداث التي تدور حوله، ويعمل على استشراف التغيرات المستقبلية الناجمة في معظم الأحيان عن أنشطته هو نفسه، في مختلف مجالات الحياة، ويستعين بالمستجدات التي تلازم ظهور هذه التغيرات في إحداث تغيرات ومستجدات أخرى وهكذا.
إذ إن محاولات معرفة المستقبل، قديمة قدم الإنسان ذاته، لكن الإشكاليات المطروحة في وقتنا الحاضر هي غموض المصطلحات والمفاهيم -مصدر كل خلط وتشويش في الطرح والشرح والتفسير. وحتى الآن ما زال الشك والتردد يخامر العديد من العلماء والباحثين، فيما يتعلق بفعالية الدراسات المستقبلية، وعملية استشراف المستقبل. وهل هو علم قائم بذاته، بالرغم من أنه مازال في مرحلة الطفولة؟

ما دام أن المستقبل ليس قدرا محتوما، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون صورة واحدة فريدة من نوعها. فأمام كل فرد، أو مجموعة، أو مدينة، أو مجتمع أو مجموعة من الدول أو حتى المجتمع الدولي برمته، في أي لحظة معطاة من تاريخهم ثمة احتمالات متعددة للمستقبل يتعين عليهم الكشف عنها ومحاولة رسم المعالم الأساسية لكل منها.

ضمن هذا الحيز كثير من الناس يبحثون عن عوامل معرفة الحاضر لرؤية وفهم وبناء المستقبل، على خلاف ما جاء به موضوع التنبؤ، كطرح تقليدي كلاسيكي يوصف أحيانا بأنه ينفصل عن الواقع المعاش. بالرغم من هذا يبقى التنظير للمستقبل هو العمل الذي يرتكز بالأساس على استيعاب ومعرفة الحاضر، ومن ثم، التوقع الآلي الذي يعني المعرفة العلمية للمستقبل، الذي يقوم علي المنطق الواحد، من معطيات ومعلومات إحصائية، توصف أحيانا بأنها محدودة - لماذا؟ لأن العملية ترتكز أساسا على الخيال، والتخيل، وآلية التصور.

وفي الوقت الحاضر ما أحوجنا نحن العرب في مؤسساتنا العلمية، وفى مراكز صنع القرار، أن نستخدم هذا المنهج فى دراساتنا وأبحاثنا، حتى نستطيع أن نحدد مساراتنا واتجاهاتنا، وحتى نتقي -قدر المستطاع- سلبيات ما نتعرض إليه فى حاضرنا.

إن العلاج الحقيقي هو أن نمأسِس هذا العلم، ونؤسس مراكز للبحوث والدراسات الاستراتيجية والمستقبلية. وأن نفرض توظيف هذا العلم وتطبيقاته ممزوجاً بإرادة حقيقية صادقة، لكونه أفضل علاج مضاد للمشاريع اللحظية والآنية، وأنجع استرشاد لمشاريع مستقبلية لكافة أوجه الحياة، وكي تدوم إلى عقود زمنية قادمة تخدم أجيالا نحو مستقبل واعد.

إذ باتت الدراسات المستقبلية من الأولويات، بمعنى أنها صارت ضرورية لا يمكن الاستغناء عنها؛ إذ لم تعد مجالاً من مجالات السجالات الفكرية أو الرفاهية الثقافية أو التسلية الذهنية فى الدول المتقدمة وحدها. بل إنها باتت ضرورية للدول كافة، على اختلاف حظوظها من التقدم أو التخلف ومن الغنى أو الفقر. وإن كانت تتطلب بالضرورة قدراً من الخيال والقدرة الذاتية على التصور المسبق لما هو غير موجود أو غير معروف الآن، إلا أن أنشطتها -على حد قول "إبراهيم عيسوي"- "تختلف نوعياً عن الأنشطة التى تقع في حقل الخيال العلمي أو فى ميدان التنجيم والرجم بالغيب".

ويفترض نشوء الطلب على هذا النوع من الدراسات وجود مجتمع أو على الأقل وسط اجتماعي واسع يقدر أهمية العلم، ويؤمن بالعقلانية، ويثمن ضرورة أن تقوم السياسة العامة على أساس من المعرفة الصحيحة بالواقع واحتمالات التطور في المستقبل، لذا فإنه يتيح للقائمين على هذه الدراسات كافة الظروف والتسهيلات التي تتيح لهم القيام بعملهم على خير وجه.
وسيأتي المستقبل حتما، فإما أن نصنعه بأنفسنا ونذهب إليه، وإما أن يصنعه لنا الآخرون ويأتينا جاهزا خارجاً عن إرادتنا.

المؤلف: مهند حميد الراوي

الخميس، 20 أغسطس 2015

التدين الفلكلوري والمظهري.. بين استغلال اليسار واحتكار الإسلاميين

إن مسألة التدين هي جوهر الأطروحة الدينية حيث يلتزم داخلها الفرد بطقوس تعبدية بطريقة فردية أو جماعية تكون في علاقة عمودية مع الله. وجاء الدين الإسلامي الحنيف للعناية بجوهر رسالته وهي ترسيخ الوحدانية في قلوب البشر وبناء جميع أفعال البشر على قاعدة "لا إله إلا الله". فالتدين في لب معناه هو ما يحفظ به الإنسان علاقته بربه وما ينبني عليه تعامله مع الناس. ولذلك اعتنى النص التشريعي في الإسلام بالفرد ونظم مسألة إسلامه ثم أسس لمعنى إيمانه وصولاً إلى بلوغه درجة الإحسان وهي الدرجة الأعلى للتدين. وكل هذا الإهتمام بالفرد ينبني على وعي النص الشرعي والفقهي بحاجة الفرد للتدين الحقيقي ليعيش كما ينبغي.
       وعندما نبحث في نصوص التراث الإسلامي الفقهي والفكري نجد أن الفرد هو قطب الرحى التي تنبني عليه الأمة ولا يكون هذا الفرد بهذه المواصفات إلا إذا كان متديناً حقاً. وقد نلحظ في هذه المسألة أن النص القرآني والأثر النبوي إعتنى بكيفية ضمان هذا التدين للفرد، إذ ركز في مجمله على سريته وخفيته وتقلبه وجعل علمه لله دون غيره وأهميته تكمن في علم الله به فقط. وهذا ما يحيلنا على أن التدين هو مفهوم يخفى على الناس غايته هو علم الله به.

وقد شهدت هذه المسألة إخلالات مختلفة عند جميع مركبات المجتمعات العربية. فنجد أصحاب الفكر القومي واليساري الحداثي يستعمل هذا المفهوم لإضفاء شرعية روحية على نفسه وذلك عبر إحياء بعض المناسك الدينية بطريقة الفلكلور الشعبي، مثل زيارة أضرحة الأولياء الصالحين، وإحياء ليلة المولد النبوي بالأغاني الصوفية في شكل احتفال يبهر المتلقي، كما يتم استعمال التدين عندما يتناسب رأيهم مع النص الديني. أما التدين السلفي أصبح أشبه باللوحات الإشهارية، حيث يٌقيّم التدين عند "السلفية" عبر طول اللحية وتقصير الثوب وتغطية المرأة لوجهها، فصارت الفروع أصولاً والأصول فروعاً عندهم لينعدم المفهوم الروحي لقضية الإيمان وينحصر في لباس وشكل وفهم للنص الديني فقهاً لا عقيدةً جاء به أهل الظاهر كما عرفوا. أما الإسلاميون فأضحت المسألة لديهم عبارة عن وعاء يملأ بكل شي ويتم الأخذ منه في كل وقت وحين، حتى صار المنتسبون إليهم يجعلون من هذه المسألة أمراً سهل المنال لا تستحق تعب التعلم والعبادة، ليصل الأمر إلى تشييء هذا المفهوم عند بعضهم بعلمنته وإضفاء المادية عليه، وذلك عبر جعل التدين مجرد دعاء وأذكار تنشر على الحائط الإفتراضي في وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك للحصول على القدر الأعلى من الإعجابات ليصبح عند الناس محموداً، وهذا ما يعبر عنه بالتدين المظهري أو إسلام السوق الذي يصبح فيه التدين لوحة إشهارية للعموم لا علاقة سرية بين العبد وربه.
وهنا نستنتج أن مسألة التدين تم السطو على معناها وروحها وذلك بتفريغها من لبها والتجني عليها لضمان مكانة بين الناس لا تسمن ولا تغني من جوع. فخطاب النبوة كان موجه إلى القلب والسريرة والتقوى مكانها القلب والتوحيد مكانه القلب والأعمال والأفعال لا يعلم درجة قبولها وصحتها إلا الله، ولهذا كانت النية والإخلاص أس الأعمال لأنها هي من توجهها فأعظم عبادة عندنا هي الصلاة وهي فعل قائم على النية والإخلاص، وصلاحها يعني صلاح باقي الأعمال وهي علاقة عمودية بين الفرد وربه لا يمكن أن يكون فيها ثالث.
وما نلحظه اليوم هو غياب التدين الحقيقي لدى كثير من الناس جراء التخلي عن جوهره القائم على "إن الله يحب الأبرار الأتقياء الأخفياء، الذين إن غابوا لم يفتقدوا، وإن حضروا لم يعرفوا، قلوبهم مصابيح الهدى يخرجون من كل غبراء مظلمة" وعلى أن "أول ما تسعر النار يوم القيامة بثلاث: عالم، ومجاهد، ومنفق كريم".

وبناء على هذا نخلص كون إبراز تديننا للناس وتقوانا وتصنيف الناس على هذا المنحى يعد جريمة في حق الإسلام، والذي نهانا على تصنيف الناس على أساس العبادة والورع، فالأحاديث جاءت عديدة في من تكثر عباداتهم وصلواتهم ولا يدخلون الجنة بسبب فساد قلوبهم وسريرتهم، فعلينا أن لا ننظر إلى صلاة أحد ولا صيامه ولا ما ينشره من أدعية وأذكار وإدعاء للمعرفة والعلم بل نقيس الناس بمقاييس أخرى ربما هي الأقرب للواقع، فنخلص أخيراً أن التدين الحقيقي يحتاج لعقول تفكر وقلوب تصدق وسواعد تعمل فما وصل إليه المجتمعات الإسلامية خاصةً اليوم وبعد غزو عالم ما بعد الحداثة لقيمهم وعلمنة روحانياتهم يعد ناقوس خطر على المحافظة على هذا الدين الحنيف عندهم، لذلك على كل المنتسبين إلى هذه المجتمعات إعادة هذا المفهوم الروحاني النقي إلى إطاره الفرداني الذاتي وعدم التدخل فيه من أي طرف كان إسلامياً أو غيره، وجعل التدين قوة ذاتية نبني عليها مجتمع وأمة لا لوحة إشهارية نحكم بها على الناس في إطار المزايدة والمحاصصة.

الأربعاء، 19 أغسطس 2015

بقايا أمل..

ذات يوم وقفت أجيبه عن سؤاله الذي عادة ما يبدأ الدرس به، هل تظنون أن المستقبل سيكون أفضل مما نحن عليه؟
بالإيجاب كان الجواب كأنني كنت اراه جليا واضحا. وقد ضربت بعرض الحائط كل المعطيات.
كانت فلسطين على حالها محتلة والعراق مغزوة.. 
قد قتل محمد الدرة والشيخ احمد ياسين وسقطت اﻻبراج وظهرت طالبان و.. و...
كان وجهه صادما لي بقدر جوابي.. امتعاص شفتيه و نكران إجابتي وإنزال عينيه إلاى الأرض...
ثم بدأ الدرس...
مر على هذا زمن..
اليوم وقد مر بنا قطار الموت يجوب بلادنا وأنفسنا من شرقها لغربها شمالها وجنوبها؛ راكبين ننزل محطات من الضياع ومحطة يأس وأخرى انتظار.. 
هل قلت انتظار؟ كم ننتظر؟ يوما؟ شهرا؟ عاما؟ عمرا؟ أم ما تبقى من عمر...
أم ﻻ ننزل أبدا إﻻ آخر محطة من اللاشيء، من العدم بل من المجهول...
مر ما سمي بالربيع العربي. وفاحت منه رائحة الدم بدل رائحة وروده...
حدث الكثير، والكثير سيحدث، مؤكد.. ولشدة الوقع على النفوس صار كل شيء ذا لون ممل ذكره مبك حجر القلب... أو ربما أغلقنا...
إذا التقيته وأردف علي السؤال عينه.
هل سيختلف الجواب؟ هل كان اﻻمل كبيرا بما يكفي ليملأ صدري حينها؟ أم غربلته الأيام فما عاد يجدي؟ ...

المؤلف: ابتهال محمد

الإرهاب ومعضلة وضع مفهوم له على الصعيد الدولي وأخطاره على أمن المنطقة

  • المحاولات القانونية لتعريف الإرهاب على الصعيد الدولي: 
عرفت اتفاقية جنيف لقمع ومعاقبة الإرهاب لعام 1937 م، على أن الأعمال الإرهابية هي الأعمال الإجرامية الموجهة ضد دولة ما وتستهدف، أو يقصد بها، خلق حاله من الرعب في أذهان أشخاص معينين، أو مجموعة من الأشخاص، أو عامة الجمهور.
أما الاتفاقية الأوروبية لعام 1977 م، فلم تأتي بتعريف محدد للإرهاب فقد عددت مجموعة من الأفعال، منها ما كان قد حرم سابقا باتفاقيات دولية سابقة، أو كان التعامل الدولي قد حرمها، وأضاف إليها الأفعال الخطرة التي تهدد حياة الأشخاص أو أموالهم، ومن المأخذ على هذا التعريف عدم إرضائه الدول المشاركة، وذلك لعدم مصادقة أية دولة على الاتفاقية، وبحصر هذا التعريف بالإرهاب في بث الرعب بين الأشخاص أي بين العامة، لكن الحقيقة تشير إلى أن للإرهاب أهدافا أبعد وأشمل.
أما الاتفاقية العربية لعام 1998م، فقد عرفت الإرهاب في مادتها الأولى فقرة (2) بأنه الفعل من أفعال العنف أو التهديد أيا كانت بواعثه أو أغراضه، يقع تنفيذاً لمشروع إجرامي فردي أو جماعي، ويهدف إلى إفشاء الرعب بين الناس، أو ترويعهم بإيذائهم أو تعريض حياتهم أو حرياتهم أو أمنهم للخطر، أو إلحاق الضرر بالبيئة أو بأحد المرافق أو الأملاك العامة أو الخاصة، أو احتلالها أو الاستيلاء عليها، أو تعريض أحد الموارد الوطنية للخطر.

  • الأمن الإقليمي لدول المنطقة:
الأزمة الأمنية المتفاقمة في سوريا والعراق تمثل القلق الأكبر لدول المنطقة حيث ولد من رحم هذه الأزمة تنظيمات مسلحة تجمع بين القوة العسكرية وعنصر الإدارة والتنظيم منها الدولة الإسلامية في العراق والشام واختصارها "داعش" وجبهة النصرة والجبهة الإسلامية كما برزت قوات البيشمركة التابعة للأكراد في المشهد الأمني في هذه الفترة. ومن التعريفات السابقة للإرهاب يتم إدراج كل هذه الفصائل تحت طائلة الإرهاب الدولي.

و بعيداً عن تعقيدات المشهد الأمني في سوريا والعراق والذي لا يزال مفتوحاً على الاحتمالات كافة فإن هذا التحليل يناقش البعد الإقليمي للأزمة الأمنية والتداعيات المحتملة لها على دول المنطقة من خلال الوقوف على أبعاد القلق الذي تمثله هذه التنظيمات على دول المنطقة وكذلك التعرف على الملامح العامة لمواقف دول المنطقة مما يحدث في سوريا والعراق.

 1. البعد الإقليمي للأزمة الأمنية:
ثمة مؤشرات واضحة بدت خلال الفترة الأخيرة تؤكد أن مخاطر هذه التنظيمات لا تقتصر على الداخل العراقي والسوري فقط وإنما قد تمتد إلى دول المنطقة، وتحديداً دول مجلس التعاون الخليجي، وبوادر هذا الأمر قد ظهرت بعد دخول مقاتلي هذه التنظيمات إلى بلدة عرسال بلبنان ومواجهتهم للجيش اللبناني، وانتقال هذه المواجهات الشرسة إلى الجولان حيث سيطرت جبهة النصرة على هذه الجبهة، وبدْء المناوشات بينها وبين قوات الأمم المتحدة وتنفيذ عدة ضربات إرهابية في الداخل السعودي من قبل تنظيم الدولة الإسلامية، والمناوشات بين هذا التنظيم والجيش التركي، فهذه التنظيمات تتحرك بشكل تكتيكي مستغلة بعض الاضطرابات في بعض المناطق لبناء قواعد انطلاق إلى كل أنحاء المنطقة. ويستوقفنا هنا التهديد الذي أطلقته الدولة الإسلامية في العراق والشام في مايو الماضي 2014 بالتمدد إلى دول الخليج رداً على الإجراءات الأخيرة التي أقرتها بعض الدول الخليجية وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية ضد المقاتلين العائدين من سوريا.

بالنظر إلى تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام نجد أن هذا التنظيم نجح في السيطرة على عدة أماكن استراتيجية في العراق، وبذلك فإنه يعمل على تثبيت وضعه ونفوذه في مجريات الصراع العسكري الدائر في سوريا وعدم قدرة النظام الدولي على حصاره في العراق أو سوريا. وقد حقق ذلك بعد سقوط محافظة نينوى على وجه الخصوص في يده، حيث أنها تربط بين الموصل والأنبار والحدود السورية، مما يسهل تسلل المقاتلين والسلاح والأموال بين الدولتين، وهذا يدل على أن هذا التنظيم يملك سلاحا استراتيجيا قويا وفكرا سياسيا صلبا.  
2. البعد الطائفي والمذهبي للأزمة الأمنية:
ترجع نشأة هذه الأزمة إلى بعد طائفي مرتبط بسياسات التهميش والإقصاء الطائفي الذي اتبعه نظام بشار الأسد، ثم من بعد ذلك حكومة المالكي، وهذا البعد دعمه فكر نوري المالكي المتطرف إذ قام بتكوين ميليشيات شيعية للدفاع عن العراق ضد تنظيم الدولة الإسلامية، أما إيران فقد أرسلت عناصر من الحرس الثوري الإيراني للدفاع عن المالكي، كما فتحت مراكز للمتطوعين الراغبين في الذهاب للقتال في العراق تحت مظلة طائفية ألا وهي الدفاع عن المراقد الشيعية في كربلاء والنجف وبغداد وسامراء، ومن الناحية الأخرى اتجاه العديد من أهل السنة في الخليج للذهاب إلى سوريا والعراق للقتال ضد الشيعة. ويكمن الخطر الأكبر للأزمة في الأبعاد الطائفية التي تسهل انتقال هذه التنظيمات إلى كافة دول المنطقة. وهذا ليس ببعيد فقد انتقل هذا الخطر الطائفي إلى اليمن حيث المناوشات بين السنة وجماعة الحوثي الشيعية وبوادر انتقال هذه الأزمة إلى البحرين.
3. البعد التنظيمي لمثل هذه التنظيمات:
تتمتع هذه التنظيمات بقوة تنظيمية كبيرة حيث استطاعت هذه التنظيمات إنشاء أجهزة خدماتية في المناطق المسيطرة عليها، كما أنها تمكنت من خلق إطار مؤسسي منظم للمناطق المسيطرة عليها، مما يدفعنا للقول أن هذه التنظيمات تمتلك القوة الإدارية للدولة والقوة العسكرية الصلبة مثل تنظيم القاعدة.
بجانب هذا استطاع تنظيم الدولة الإسلامية أن يقدم نموذجاً للتطور الفكري للحركات الجهادية إذ استطاع أن يقيم اقتصادا بموارد رئيسية دائمة، حيث أصبح التنظيم مصدراً للبترول، وتشير التقديرات إلى أن دخله من البترول يقدر بـ 360 مليون دولار سنوياً كما أنه يستحوذ على 1/3 إنتاج العراق من القمح وأصبح يدير 6 مصانع وهنا تحول من فكر إدارة الموارد الطبيعية إلى فكر إنتاجي ويعتمد على الضرائب أيضاً حيث يبلغ دخله منها بمقدار 96 مليون دولار سنوياً.
كما أن هذا التنظيم لديه القدرة على قيادة الجرائم المنظمة واستطاع في الآونة الأخيرة من صناعة شبكة عابرة للحدود، حيث أن التنظيم الأم يدعم فروعه في مناطق متفرقة منها (ولاية سيناء في مصر – و تنظيم الدولة بسرت في ليبيا – وتنظيم بوكوحرام في نيجيريا) وهو ما يجعل مواجهة استراتيجيته التوسعية الممزوجة بالقوة العسكرية مهمة في غاية التعقيد، خاصة أن الضربات العسكرية الجوية من قبل التحالف الدولي لم تأتِ بثمارها.

  • رؤية هذه التنظيمات:
تمتلك هذه التنظيمات رؤية مستقبلية للمنطقة حيث تسعى إلى أستاذية العالم وتمكين الخلافة الإسلامية وتسير في هذا الطريق بكل قوة وحسم، معتمدة على إثارة الصحوة الإسلامية في نفوس أهل السنة، ومن ثم القضاء على النعرات الشيعية. وتمتلك هذه التنظيمات قوة فكرية تجعلها تتلاعب مع النظام الدولي، ومحاولة إدخال هذا النظام في تفاوضات معها مما دفع البعض للقول بأن إيقاف هذه التنظيمات لن يكون بالحل العسكري فقط بل يجب أن يخالطه حل سياسي، وتنطلق هذه الرؤية من قدرة الولايات المتحدة الأمريكية على القضاء على تنظيم القاعدة وطالبان في أفغانستان وظهور تنظيم الدولة الإسلامية من رحم الاحتلال مما أدى إلى خروج الولايات المتحدة الأمريكية من العراق ثم بدأها في عملية الانسحاب من أفغانستان مما يدعم رؤية التدخل العسكري ضد الدولة الإسلامية قد يعرقل من تقدمها إلا أنه لن يمحوها فهذه التنظيمات تتحرك بفكرة السيل الذي لا يقهر ورفعت شعار الدولة باقية وتتمدد.

وبشيء من التفصيل نلقي الضوء على تنظيم ولاية سيناء، "جماعة أنصار بيت المقدس"ولاية سيناء حالياً:

"أنصار بيت المقدس" كانت بالأساس متواجدة في غزة، وكان هدفها الأساسي، كما هو واضح من الاسم الذي تحمله، "تحرير فلسطين والأقصى"، ونتيجة تطورات الأوضاع في غزة، والتزام "حماس" بالتهدئة مع اسرائيل جرى تحول لدى الجماعة بسبب القيود والتضييقات التي مورست عليها من قبل حركة "حماس"، خاصة وأن "أنصار بيت المقدس" حاولت أحيانا كسر الهدنة القائمة مع اسرائيل بين فترة وأخرى مما خلق إشكالات لها مع "حماس" التي تهيمن على القرار في القطاع الفلسطيني المحاصر ومع الضغوط عليها تسرب بعض أفرادها إلى سيناء. ويعد هذا التنظيم من أخطر التنظيمات في مصر، فقد نجح في توجيه بعض الضربات وتنفيذ الهجمات على الجيش المصري في سيناء وقد ظهرت هذه الجماعة في مصر بوضوح بعد عزل الدكتور محمد مرسي عقب أحداث 30 يونيو.

وفي بادئ الأمر كان ينظر هذا التنظيم إلى الجيش المصري باعتباره جيش ظالم يجور على المدنيين إلى أن تمت مبايعة هذا التنظيم للدولة الإسلامية، ومنذ هذه اللحظة أطلقوا مصطلح الردة على الجيش المصري ويرقى هذا التنظيم إلى مصطلح إرهابي فهو يمتلك أهداف توسعية ومسلحة ويعد ظهور التنظيم في هذا التوقيت ليس للوقوف مع جماعة الإخوان المسلمين وليس دفاعاً عن الديمقراطية -فهم لا يؤمنون بها من الأساس حيث يعتبرون الديمقراطية كفراً- ولكن تحركاتهم كانت من أجل خوف هذا التنظيم على مستقبل الحركة الإسلامية في مصر حيث أنهم يروا استضعاف التيار الإسلامي فوقفوا ضد الإخوان وقالوا أن سلميتهم ليست من الدين وأن الجيش المصري جيش الردة وهذا ما يؤيد فكرة أنهم يعارضوا ويعادوا كل من يقف ضد مصالحهم ورؤيتهم المستقبلية.

ولاية سيناء ومصادر تمويلها:

تعتمد ولاية سيناء على دعم التنظيم الأم وهو الدولة الإسلامية ويعد هذا أهم مصادرها المالية والبشرية والمادية حيث أن تنظيم الدولة الإسلامية استطاع تكوين شبكة عابرة للحدود لتغذية التنظيمات المؤيدة لها في باقي أنحاء العالم كما أن هذه التنظيمات استطاعت أن تخلق لنفسها أصولا وتمويلا ذاتيا، ثم تأتي بعد ذلك أموال الزكاة والتبرعات من الجهات ورجال الأعمال المدعمة لها وعمليات التهريب ( بشر – سلع – سلاح ) ثم سياحة الفدية وهي أحد أهم مصادر تمويل مثل هذه التظيمات واعتمدت على هذا المصدر من قبل تنظيم القاعدة بأفغانستان وحركة الشباب المجاهدين بالصومال.
وبذلك فإن النظام الحالي في مصر هو بين مطرقتي تنظيم ولاية سيناء وسعيه لتقوية شوكته في سيناء وأهدافه التوسعية وبين الخطر الذي يهدد الأمن القومي من الحدود الليبية المصرية.


تأليف: عبد الله المصري

الثلاثاء، 18 أغسطس 2015

ارفع يديك من أين أتيت

سلام عليك توقف
ارفع يديك من أين أتيت؟

جئت من بلد جعل للحكمة بيت بلد طاهر أنقى من الزيت.. بلد بين الحلال والحرام قطع الخيط.. بيت بلد لا يطل على المحيط لكن الخطر من كل جهة به محيط.. بلد حرموا فيه الفقير من مبيت وجعلوا من تربته للفاسدين ملاذ شرق مخادع طامع وغرب مازال في زمن الإحتلال ضائع وحكومة ابتلينا بها.. رئيسها لتونس بائع من تسترضي يا هذا؟
تسترضي فرنسي قتل جدك؟ تسترضي أمريكي اغتصب في العراق أرضك؟ تسترضي بريطاني أباد في إفريقيا الوسطى إخوتك؟ تبجحت بالإرهاب فأفلتت الفسدة من العقاب فشكروا ووعدوك بالثواب.

ولكن يا صيد هل سترشي رب الأرباب حين تقف فلا تجد فوقك سحاب؟ حينها لن ينفع لا المخبر ولا الصباب ويا عجوز التسعين لا ملام عليك فأنت تخوض مع الخائضين ولا تدري مغبة أجرامك أفق أرجوك من أوهامك لن يرضى تونسي واحد بقاعدة للمحتل ولا تتعب نفسك فلدى شبابنا تجد الحل لازال لنا في الثورة أمل إن قدموا رفعنا السلاح ليس إرهابا ولكننا لا نرضى بالانبطاح.

المؤلف: أشرف نصيري

الحركة الإسلامية الحديثة في مصر ما بين الإصلاح والراديكالية والتوحش


يضم هذا التقرير:
1- نشأة الحركة الإسلامية في مصر. 
2- أقسام الحركة الإسلامية في مصر. 
3- مصطلح التوحش بين السياسة ورفع السلاح. 
4- جماعة الإخوان المسلمين ونشأتها. 
5- اتجاهات الجماعة بعد ثورة 25 يناير. 
6- مصادر تمويل الجماعة. 
7- جماعة أنصار بيت المقدس ونشأتها. 
8- مصادر تمويل جماعة أنصار بيت المقدس.
9- نظرة على جماعة الإخوان المسلمين وجماعة أنصار بيت المقدس.
الحركة الإسلامية وأسباب ظهورها؟

اختلف الباحثون حول أسباب ظهور الحركة الإسلامية في العصر الحديث، وقد اعتبرها كثيرون ظاهرة جديدة صاحبت انتقال العالم الإسلامي إلى العصر الحديث، وأرجعوها إلى ما اعتبروه حالة اغتراب تعرض لها الكثير من شباب المسلمين بسبب تسارع عجلة التحولات الاجتماعية والثقافية، تلك التحولات التي اقتبست على نطاق واسع من إشعاع الحضارة الغربية المعاصرة بدرجة اعتبرها البعض صداما مع عقيدة الإسلام التي هي جزء من الثقافة العربية.

كما اعتبر باحثون آخرون أن ظهور الحركة الإسلامية صاحبَ هزيمةَ العرب أمام إسرائيل في ٥ يونيو ١٩٦٧م، وهناك فريق ثالث من الباحثين رأى أن ظهور الحركة اللإسلامية هو ردّ فعل لسقوط نظام الخلافة الإسلامية والذي تمثل في إلغاء كمال الدين أتاتورك للخلافة العثمانية وإقامة جمهورية علمانية على أنقاضها في تركيا.

وبعيداً عن هذه التفسيرات، فإن الحركة الاسلامية في جوهرها ما هي إلا عمل سياسي واجتماعي إسلامي في الفضاء العام يهدف لإحداث تأثيرات إسلامية سياسية واجتماعية وثقافية ودينية في ذلك الفضاء العام عبر عمل عام له صور وأساليب شتى.

أقسام الحركة الإسلامية في مصر:

يكاد كل من كتبوا عن الحركة الإسلامية المعاصرة أن يتفقوا على أن الحركة الإسلامية هي نهر عام تنبثق منه روافد عديدة، أو هي حركة عامة تتكون من فصائل أو تيارات متعددة ومختلفة.
لكن اختلف الباحثون حول الأقسام التي تندرج تحتها الجماعات والتيارات والفصائل التي تتكون منها الحركة الإسلامية المعاصرة.
فأشهر تقسيم هو تقسيم سياسي يعتبر أن الحركة الإسلامية تنقسم لتيارين رئيسيين هما:

١ - التيار الإصلاحي: و يمثله في مصر "الإخوان المسلمون" ومن على شاكلتهم من الجماعات الأخرى التي لا تسعى إلى تغيير فوري وسريع عبر القوة المسلحة.
٢- التيار الثوري: وأبرز من يمثله في مصر"تنظيم الجهاد" ومن على شاكلته من المنظمات التي تسعى لإجراء تغيير سريع وشامل بالقوة المسلحة.

ولكن هذا التقسيم غير دقيق ويتسم بكثير من السطحية والتبسيط، لأننا نجد في مصر والعالم جماعات إسلامية تتبنى الوسائل المسلحة دون أن يكون استخدامها لهذه الوسائل أسلوبا للتغيير الشامل مثل "جماعة الناجون من النار" و"جماعة الشوقيين" و"جماعة التوحيد والجهاد" في مصر و"منظمة القاعدة" في مصر والعالم، فهل نسمي هؤلاء إصلاحيين وهم يستخدمون السلاح أم نسميهم ثوريين وهم لم يسعوا لتغيير نظام الحكم القائم إنما سعوا فقط للقيام بعمليات مسلحة محددة ومحدودة؟ وبالتالي فإن تقسيم الحركة الإسلامية إلى إصلاحيين وثوريين تقسيم غير دقيق وغير موضوعي.

وهناك تقسيم آخر مشتق من نفس التقسيم وهو تقسيمها إلى:
١- إصلاحيين: كالسابق.
٢- راديكاليين: ويقصد بهم الثوريين في التقسيم السابق.

وقد حاول بعض أبناء الحركة الإسلامية نفسها تقديم تقسيم أكثر دقة للحركة الإسلامية، ومن أبرز وأهم من فعل ذلك الدكتور أسامة عبدالله حميد أستاذ الجغرافيا السياسية بجامعة بنها وأحد أبرز المفكرين السياسيين في تنظيم الجهاد المصري، وورد هذا التقسيم في ورقة قدمها لمؤتمر عن "الفكر السياسي الإسلامي" كان قد نظمه المعهد العالمي للفكر الإسلامي بلندن في منتصف الثمانينات من القرن الماضي، وقد قسم أسامة عبدالله حميد الحركة الإسلامية في دراسته إلى أربع تيارات:

١- تيار الإسلام الاصلاحي: ويمثله "الإخوان المسلمون" ومن على شاكلتهم ممن يسعون لتغيير متدرج سلميا وربما جزئيا.
٢- تيار الإسلام الثوري: و يمثله "تنظيم الجهاد" في مصر ومن على شاكلته ممن يسعون للقيام بتغيير شامل وفوري بالأساليب المسلحة.
٣- تيار الإسلام السياسي: ويمثله في تاريخ مصر الحديث "جماعة مصر الفتاة" بقيادة أحمد حسين، ويقصد به كل من يتبنى الإسلام كمنهج ومرجعية سياسية في مواجهة الحاكم دون أن تتجذر لديه المفاهيم الإسلامية الأصيلة سواء كإسلام اصلاحي أو كإسلام ثوري، فالإسلام بالنسبة له مجرد شعار ونوبة حماسية يواجه بها ظلم الحاكم.

التوحش:

و يمكن تقسيم الحركات الإسلامية إلى إصلاحية وراديكالية والتوحش. ويمكن تعريف التوحش بالتصرفات من قبل الأفراد أو الجماعات التي تتصف بالهمجية تصرفاً وطبعاً، وقد تكون غير منظمة أي فردية بالقيام بالجرائم كالقتل والسرقة والخطف أو منظمة بارتكاب جرائم منظمة كالهجوم على المسلح على المدنيين أو مؤسسات الدولة السيادية ، وقد يكون لأهداف سياسية أو أهداف توسعية.

ويمكن تقسيم هذا المفهوم إلى:

1- التوحش السياسي والاجتماعي وهو الانخراط في الحياة السياسية ليس لأهداف سياسية فحسب بل لأهداف توسعية داخل الدولة ولإنشاء ما يسمى بدولة داخل الدولة. وهذا يُعدُّ خطرا على الأمن القومي للدولة. وهذا النوع يكون مخلوطاً بقضايا عرقية وطائفية أحياناً. وهذا ما نراه من حزب الشعوب الديمقراطي (الأكراد) بتركيا لهم حزب سياسي بتركيا، وانخرطوا في الحياة السياسية، إلا أن عندهم حلما بالانفصال. وانطلاقاً من حلمهم ينفذون بعض الضربات الإرهابية لنشر الفوضى وهو ما جعل الحكومة التركية تتحرك سريعاً نحو ضرب مواقع هذا الحزب. كما أن هناك توحشا اجتماعيا، وهو السعي الدائم لتغيب عقول الشعب ولهذا النمط من التوحش أساليب عدة، أهمها الآلة الإعلامية وفقط الدعاية الرمادية بصفة مستمرة مما يؤدي إلى إحداث حالة من حالات التنويم للعقول الضئيلة، والآلة الثانية هي استغلال ظروف المجتمع من فقر وضجر وغضب لبثّ بعض الأفكار وربط التأييد لفئة معينة بالإعانات المقدمة للأفراد .

2- التوحش المسلح وهو اتباع منهج حمل السلاح وحصر لغة الحوار في المواجهات المسلحة وقد تكون محدودة للضغط على الحكومات لتنفيذ بعض مطالب فئة معينة في الشعب وقد تكون ذات هدف توسعي أي السير نحو السيطرة على أراضٍ في الدولة، وبسط النفوذ، وبناء هيكل يشبه هيكل الدولة، وذلك مثل تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا. وهذا النوع يعلن عداءه لكل من يعاديه. وهذا النوع من التوحش له أبعاده على الأمن القومي العالمي، حيث أنه يسعى إلى تغير ديموغرافية العالم بأسره، وخرق معاهدات واتفاقيات دولية يسير عليها العالم. كما أن هذا النوع ينظر إلى القوانين المعترف بها دولياً على أنها قوانين وضعية، ويحاول أن يخضع من حوله لقوانينه التي تنبثق من معتقداته الفكرية والدينية. وهذا النوع يعتمد في حركته على الجريمة المنظمة وذلك بتوظيف عملياته غير المشروعة لجذب الأموال.

جماعة الإخوان المسلمين ونشأتها:

نشأت على يد مؤسسها وإمامها حسن البنا عام 1928م. وهي أحد فصائل الحركة الإسلامية الحديثة ونشأت على مبدأ رفض التنظيم، يعني اعتماد العفوية والفوضى في العمل الإسلامي. وقد ظهر ذلك في قول حسن البنا في وصفه للجماعة أنها "دعوة سلفية وحقيقة صوفية"، وأراد بذلك تجميع الحركات الإسلامية تحت لواء واحد ولكن ذلك فشل.

وصف حسن البنا جماعة الإخوان في رسالة المؤتمر الخامس على أنها جماعة إصلاحية شاملة تفهم الإسلام فهماً شاملاً وتشمل فكرتهم كل نواحي الإصلاح في الأمة وأنها:
دعوة سلفية، إذ يدعون إلى العودة إلى الإسلام، إلى أصوله الصافية القرآن والسنة النبوية، وهي أيضاً ... طريقة سُنية لأنهم يحملون أنفسهم على العمل بالسنة المطهرة في كل شيء، وبخاصة في العقائد والعبادات ما وجدوا إلى ذلك سبيلا.
حقيقة صوفية، يعتقدون أن أساس الخير طهارة النفس، ونقاء القلب، وسلامة الصدر، والمواظبة على العمل، والإعراض عن الخلق، فالعلم في الله والحب في الله، والأخوة في الله.
هيئة سياسية، يطالبون بالإصلاح في الحكم، وتعديل النظر في صلة الأمة بغيرها من الأمم، وتربية الشعب على العزة والكرامة.
جماعة رياضية، يعتنون بالصحة، ويعلمون أن المؤمن القوي هو خير من المؤمن الضعيف، وأن تكاليف الإسلام كلها لا يمكن أن تؤدى إلا بالجسم القوي، والقلب الزاخر بالإيمان، والذهن ذي الفهم الصحيح.
رابطة علمية ثقافية، فالعلم في الإسلام فريضة يحض عليها، وعلى طلبها، ولو كان في الصين، والدولة تنهض على الإيمان، والعلم.
وشركة اقتصادية، فالإسلام في منظورهم يُعنَى بتدبير المال وكسبه.
كما أنهم فكرة اجتماعية، يعنون بأدواء المجتمع، ويحاولون الوصول إلى طرق علاجها وشفاء الأمة منها. أي أن فكر الإخوان مبني على شمول معنى الإسلام، الذي جاء شاملاً لكل أوجه ومناحي الحياة، ولكل أمور الدنيا والدين.

جماعة الإخوان المسلمين واتجاهاتها بعد ثورة 25 يناير:

تاريخ الإخوان المسلمين وكتاباتهم كلٌّ منهما يدعمان فكرة أن الجماعة اصلاحية ولكنها في الفترة الحالية اتجهت إلى منهج الثورية منذ ثورة الـ 25 من يناير، ولمنهجهم الثوري عدة ركائز: وهي القدرة على الحشد والتجمهر ورفع اللافتات والصياح ببعض الشعارات في مواجهة بعد أجهزة الدولة كالمؤسسة الشرطية ثم مؤسسة القوات المسلحة. وقد نجح الإخوان المسلمون في الوصول للحكم من خلال مرشحهم الدكتور محمد مرسي والذي أطاحته المؤسسة العسكرية في مصر عقب أحداث 30 يونيو. وهنا اشتد منهج الإخوان الثوري وارتكزوا هنا إلى ثقافة الاعتصامات وما أسموه بالمليونيات الحاشدة. وفي خلال هذه الفترة نجحت جماعة الإخوان في لمّ شمل الحركات الإسلامية في مصر وضمها إلى حقبة الثورية الإصلاحية، رافعين شعار الثورة السلمية ولهم تفسير لهذا المصطلح على أن ما دون الرصاص هو سلمية.

تعريف وزارة الدفاع الأمريكية للإرهاب عام 1983م: (الاستعمال أو التهديد بالاستعمال غير المشروع للقوة أو العنف من قبل منظمة ثورية). أما الاتفاقية العربية لعام 1998م، فقد عرفت الإرهاب في مادتها الأولى فقرة (2) بأنه (كل فعل من أفعال العنف أو التهديد أيا كانت بواعثه أو أغراضه، يقع تنفيذا لمشروع إجرامي فردي أو جماعي، ويهدف إلى إفشاء الرعب بين الناس، أو ترويعهم بإيذائهم أو تعريض حياتهم أو حرياتهم أو أمنهم للخطر، أو إلحاق الضرر بالبيئة أو بأحد المرافق أو الأملاك العامة أو الخاصة، أو احتلالها أو الاستيلاء عليها، أو تعريض أحد الموارد الوطنية (للخطر) ووفقاً لهذا تم اعتبار جماعة الإخوان جماعة إرهابية وفقاً لأحكام القضاء المصري.

ورغم ذلك لم تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية جماعة الإخوان جماعة إرهابية، ولم تُصنَّف على أنها جماعة إرهابية من قبل الدول الأوروبية.

مصادر تمويل جماعة الإخوان المسلمين:

تعتبر أهم مصادر تمويل جماعة الإخوان هي الجمعيات الخيرية والاشتراكات الخاصة -"تبرعات أفراد الجماعة"- والتبرعات من الأفراد وأرباح مشاريعها الداخلية والخارجية، بجانب أموال منظمة الإغاثة الإسلامية الدولية. وفي السياق المتصل بمسألة تمويلات الإخوان واقتصادياتهم، قدم الصحفي الأميركي فرح دوغلاس الذي عمل في السابق مديرا لمكتب صحيفة "واشنطن بوست" في غرب أفريقيا، وهو يشغل حاليا منصب مدير مركز "إي بي إي"، تحت عنوان "اكتشاف جزء صغير من إمبراطورية شركات "أوف شور" لجماعة الإخوان المسلمين الدولية". ويعد هذا التقرير من أوائل التقارير التي كشفت عن مصادر تمويل الإخوان المسلمين.

وأشار دوغلاس في تقريره إلى أن الإخوان نجحوا بالتوازي مع بداية ظاهرة البنوك الإسلامية الحديثة، التي عرفها العالم في بداية الثمانينات من القرن الماضي، في بناء هيكل متين من شركات "أوف شور"، التي أصبحت جزءا لا يتجزأ من قدرتها على إخفاء الأموال ونقلها حول العالم، فهي شركات يتم تأسيسها في دولة أخرى غير الدولة التي تمارس فيها نشاطها، وتتمتع هذه الشركات ببعدها عن الرقابة، ورغم اعتبار الجماعة في مصر جماعة إرهابية إلا أن أجهزة المخابرات والمنظمات القانونية التي تطارد هياكل تمويل الإرهاب، في كل أنحاء العالم، لم تطارد هذه الشركات ولم تلاحقها.

وتكشف الوثائق التي اعتمد عليها دوغلاس في تقريره، أن الشبكة المالية للإخوان المسلمين من الشركات القابضة والتابعة، والمصارف الصورية، وغيرها من المؤسسات المالية، تنتشر في بنما وليبيريا، وجزر فيرجن البريطانية، وجزر كايمان، وسويسرا وقبرص ونيجيريا، والبرازيل والأرجنتين وباراغواي.

ورغم كل ذلك يعد المصدر الرئيسي لتمويل جماعة الإخوان المسلمين هو الاشتراكات من الأعضاء، طبقاً لموقع كل فرد في الجماعة. وبلغت بعض التقديرات لهذا الجانب التمويلي بنحو 603 مليون جنيه سنوياً.

جماعة أنصار بيت المقدس "ولاية سيناء حالياً":

"أنصار بيت المقدس" كانت بالأساس متواجدة في غزة، وكان هدفها الأساسي، كما هو واضح من الاسم الذي تحمله، "تحرير فلسطين والأقصى". ونتيجة تطورات الأوضاع في غزة، والتزام "حماس" بالتهدئة مع اسرائيل جرى تحول لدى الجماعة بسبب القيود والتضييقات التي مورست عليها من قبل حركة "حماس"، خاصة وأن "أنصار بيت المقدس" حاولت أحيانا كسر الهدنة القائمة مع اسرائيل بين فترة وأخرى، مما خلق إشكالات لها مع "حماس" التي تهيمن على القرار في القطاع الفلسطيني المحاصر ومع الضغوط عليها، تسرب بعض أفرادها إلى سيناء. ويعد هذا التنظيم من أخطر التنظيمات في مصر، فقد نجح في توجيه بعض الضربات وتنفيذ الهجمات على الجيش المصري في سيناء. وقد ظهرت هذه الجماعة في مصر بوضوح بعد عزل الدكتور محمد مرسي عقب أحداث 30 يونيو.

و في بادئ الأمر، كان ينظر هذا التنظيم إلى الجيش المصري باعتباره جيشا ظالما يجور على المدنيين، إلى أن تمت مبايعة هذا التنظيم للدولة الإسلامية، ومنذ هذه اللحظة أطلقوا مصطلح الردة على الجيش المصري. ويرقى هذا التنظيم إلى مصطلح إرهابي فهو يمتلك أهدافا توسعية ومسلحة. ويعد ظهور التنظيم في هذا التوقيت ليس للوقوف مع جماعة الإخوان المسلمين وليس دفاعاً عن الديمقراطية، فهم لا يؤمنون بها من الأساس حيث يعتبرون الديمقراطية كفراً، ولكن تحركاتهم كانت من أجل خوف هذا التنظيم على مستقبل الحركة الإسلامية، إذ أنهم يرونه استضعافا للتيار الإسلامي، فوقفوا ضد الإخوان وقالوا أن سلميتهم ليست من الدين وأن الجيش المصري جيش الردة. وهذا ما يؤيد فكرة أنهم يعارضون ويعادون كل من يقف ضد مصالحهم ورؤيتهم المستقبلية.

ولاية سيناء ومصادر تمويلها:

تعتمد ولاية سيناء على دعم التنظيم الأم، وهو الدولة الإسلامية. ويعد هذا أهم مصادرها المالية والبشرية والمادية، حيث أن تنظيم الدولة الإسلامية استطاع تكوين شبكة عابرة للحدود لتغذية التنظيمات المؤيدة لها في باقي أنحاء العالم. كما أن هذه التنظيمات استطاعت أن تخلق لنفسها أصول تمويل ذاتي، ثم تأتي بعد ذلك أموال الزكاة والتبرعات من الجهات ورجال الأعمال المدعمة لها وعمليات التهريب (لـ: البشر – السلع – السلاح )، ثم سياحة الفدية وهي أحد أهم مصادر تمويل مثل هذه التظيمات واعتمدت على هذا المصدر من قبل تنظيم القاعدة بأفغانستان وحركة الشباب المجاهدين بالصومال.

جماعة الإخوان وجماعة أنصار بيت المقدس:

يعد مصطلح الإرهاب مصطلحا سياسيا يستخدم لأهداف سياسية فحسب. كما أنه لا يوجد تعريف واضح للإرهاب في العلوم السياسية. ويمكن نقل هذا الجدل إلى ما أسميه إدارة التوحش للتفرقة بين التوحش العسكري المسلح والتوحش السياسي والمجتمعي. فتنظيم ولاية سيناء يرقى إلى التوحش العسكري المسلح، حيث أنه يحسم المواجهة مع النظام الحاكم باستخدام السلاح ولا يلجأ إلى التفاوض مع النظام -أي صدامي بطبعه. ووفقاً لنشأته في الجبال فإن لغة الحوار عنده لا تتم إلا بالسلاح.

أما جماعة الإخوان المسلمين، فلديهم كيان مجتمعي يمارس حياته السياسية ويلجأ للتفاوض السلمي. وبهذا لا يكون هناك أي وجه للمقارنة بين تنظيم ولاية سيناء وجماعة الإخوان المسلمين. كما أن هيكل الجماعة لا يمكن وصفه بالتوحش السياسي حيث أنه ينخرط في الحياة السياسية ويتبع الخطوات الديمقراطية المتعارف عليها لتنفيذ أجندته الخاصة وحلمه السياسي، كما أنه لا يوجد لديه لهجة التكفير وعنده مرونة تامة في التعامل مع الدولة والفصائل المختلفة عنه.

وصف التنظيم بالإرهابي في مصر كان غرضه سياسياً من الدرجة الأولى، إذ لم يعترف بهذا التصنيف الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك لأن النظام الحالي في مصر يرى أن هذا الفصيل فقد شرعيته على الأرض ولا بد من عزله سياسياً كما تم عزل مرشحه الرئاسي والفائز بالرئاسة سابقاً.

إعداد: عبدالله المصري

الأحد، 16 أغسطس 2015

إلى متى يا عرب؟

إلى متى يا عرب؟
إلى متى نبقو متخلفين؟
إلى متى نبقو منبهرين بثقافة الغرب وتقدمهم؟
إلى متى نبقو نبكو على جدودنا؟
إلى متى نبقو نحكو على تاريخنا وأمجادنا في الماضي وننساو حاضرنا؟
إلى متى نبقو نحكو على صلاح الدين الأيوبي؟
إلى متى نبقو نحكو على خالد إبن الوليد؟
إلى متى نبقو نحكو على إبن سينا؟
إلى متى نبقو نحكو على الخوارزمي؟

إلى متى؟ إلى متى؟ إلى متى؟ ....

إلى متى نبقو نتفوخرو بتاريخنا المجيد وننسو حاضرنا ومستقبلنا إلي يلزم نبنوه؟
إلى متى نبقو ديما ضد بعضنا؟
إلى متى نبقو ديما نخططو على بعضنا؟
إلى متى نبقو نرمو في التهم على بعضنا وننساو إلي منجمو نتقدمو كان مناقفو لكل مع بعضنا ونحطو ليد في اليد..؟!
إلى متى نبقو نستهلكو في حاجات موش من يدينا وموش من صنعنا؟
إلى متى نبقو نتبعو في الغرب؟
إلى متى نبقو في تخلف؟
إلى متى يكون سبب عركنا وخلافاتنا حاجات تافهة؟
إلى متى يكون ماتش كورة هو سبب فقدان أرواح أغلى من قطعت الجلد الدائرية؟
إلى متى يكون منصب سياسي هو خلاف شعوب؟
إلى متى يكون همنا الوحيد الوصول للسلطة؟
إلى متى يكون حلمنا إنو نتقدمو؟
إلى متى نخزروا لبعضنا على أساس أعداء إذا ما يكونش عندو نفس فكرنا؟
إلى متى نبقو نبكو على فلسطين ومنعملو شي؟
إلى متى نبقو انددو بافعال العدو الصهيوني منغير منحركو شي؟

إلى متى؟ إلى متى؟ إلى متى؟...

إلى متى نبقو نطرحو في اسئلة إلى متى...؟؟!!!
إلى متى يا عرب؟!! فقد زهقنا الانتظار.....
حنيننا للعظمة بات يزول....
فياعرب، لنستفيق، لنسترجع مجدنا الذي حلمنا به...
فلقد أصبحت أحلامنا محض خيال.....
وأختم بمقولة شهيرة لليوناني "إيسوب":
"All for one and One for all, together we stand, divided we fall " !

المؤلف: وارث غريبي

الاثنين، 17 مارس 2014

stereotyping

مدربة أمريكية عملت سنين في CNN، ضحكت منا أيما ضحك لما قال لها عدد من الصحفيين التونسيين العبارة الشهيرة في تونس : "لا حياد مع الإرهاب"، فكانت أسئلتها بكل بساطة: ما هو تعريفك للإرهاب؟ من وضع هذا التعريف؟ هل مسؤولية الصحفي الحكم بالإرهاب على شخص ما؟
و خلصت إلى أن صحافة تدين المتهمين هي أكثر رداءة من قاضي يدين دون أدلة خاصة و أنه ليس دورها أصلا.. و ذكرتنا أن العملية من مبدئها تلاعب مخابراتي من CIA، و أن أمريكا قتلت الملايين باسم إرهاب وضعت هي تعريفه، و هو ما يسمى: stereotyping أو "القولبة النمطية" التي أرساها نظام عالمي متحكم لا يجب على صحفيين يحترمون أنفسهم و يحترمون مهنتهم الوقوع فيها!!!
يومها وجدت منصفا خبيرا محايدا يمكن أن يكون رأيه مرجعا و لمت نفسي على استعمال كلمة إرهابيين و توجيه الرأي العام دون وعي مني بفداحة صنيعي.. لذلك ألتزم بعدم استعمال هذه العبارة.. و ألتزم بالعمل على مزيد المهنية و إصلاح أخطائي.

الثلاثاء، 4 فبراير 2014

نعم هو كمال القضقاضي، لكن من وراءه؟

الحقيقة أنا أصدق أنه كمال القضقاضي..
التشكيك ليس في العملية و لا في رواية الداخلية، التشكيك هو في قصة القضقاضي الإرهابي نفسها.. لولا أن صورة الجثة توحي ربما أن الجثة مجمدة حسب أطباء..

هذا الشخص الذي ينوي قلب نظام الحكم وحده، و في قصة الاغتيالات التي قام بها هذا الإرهابي لوجه الله !
أنصار الشريعة المتطرفون الذين يكرهون الشعب التونسي !
من قدم المعلومات عن وجوده و أحبط إمكانية عودته للعمل؟

نعم قتلته الداخلية لكن أتعلمون أنه بقتله تدفن كل الحقائق؟ من يقف وراءه و لماذا يحركه و متى يحركه؟ و من أين يأتي بتمويلاته؟ و ما علاقته بالمخابرات الدولية؟

بينما يفرج صندوق النقد الدولي على الدفعة الثانية من القرض و يهنئ الاتحاد الاوروبي ويعلن دعمه و تهنئ امريكا وتدعو رئيس الوزراء جمعة لزيارتها..

بينما أخرجت النهضة من الحكم بفضل القضقاضي و قبر المسار شبه الثوري الذي كنا نمضي فيه بفضله، و عاد الشعب التونسي إلى الخوف و الرعب.. و أصبح مهدي جمعة وزير شركات الطاقة العالمية الذي عاد لتوه من الجزائر ذات الخبرة في الإرهاب بطلا قوميا و انتهت المرحلة القبيحة من تاريخ تونس، تلك المرحلة التي صدق فيها التونسيون أنهم أحرار، مرحلة حكم المنتخبين و مرحلة المسار التأسيسي..
و بينما يرفع في نفس اليوم تحجير السفر عن كمال اللطيف و كمال مرجان و يحكم بالسجن على الثائر ياسين العياري و ينسى التونسيون تسريبات الفلاقة التي تفضح صفحات عددا من الشخصيات أولهم منذر ثابت و أصدقاء بن علي، و يقف اليوم رفيق عبد السلام أمام المحكمة !

ما حدث لم يكن ربيعا عربيا

الثورات العربية عمليات تنفيس عن براكين كبيرة..
يعلم راصد الجيولوجيا أنها قد تنفجر فلا تبقي و لا تذر يوما ما، فيعمل على تنفيسها بانفجارات صغيرة لتخفيف الضغط بأقل قدر ممكن من الخسائر، لإيهام الشعوب بحدوث الانفجار الكبير و إضاعة الجهد و إنفاقه على جرعات..
ليست القوى الدولية هي من صنعت الثورات بالضبط، و لكنها اغتنمت الفرصة لتنفيذ مخطط تخفيف الضغط بدءا بتونس، علما و أنها لم تصنع ما حدث في تونس و لكنه عملت على إنجاحه ليكون المثال الذي تسوق به التجربة، و عملت بعد ذلك على المساعدة على استنساخ عمليات مشابهة في غيرها من الدول..
من الطبيعي جدا إعادة الوضع إلى ما كان عليه أو حتى أسوأ مما كان عليه.. باللين و السياسة كما هو الوضع في تونس، بالقوة و العنف كما هو الحال في مصر و سوريا، و بما بين الحالتين من ممكنات كما هو وضع ليبيا و اليمن و المغرب..
ما حدث لم يكن ربيعا عربيا.