السبت، 22 أغسطس 2015

الوعي بالخديعة

تقول صديقتي أن بإمكاني الوثوق بها في كل شيء، وأن عليّ أن أفضفض عن همي ولا أكتمه فيضرني، تقول أن الحياة أجمل من أن نحزن ومن أن نتضايق لأسباب زائلة..
أحب صديقتي، صانعة بسمتي، وأحب طفولتها وبراءتها وحضنها الحنون الواسع،.
لم أخبر صديقتي أني كلما عرفت أكثر كلما صدمتني الحقيقة أكثر، لأننا عشنا ومازلنا نعيش تحت قبة الزيف والتحريف والطمس، لم أستطع أن أخبرها أننا نلبس جلابيب الأولين الذين سنّوا لنا مناهج حياة وتفكير مضبوطة ومحدودة ليست من الإسلام بشيء، لم أستطع لأنها قد لا تصدقني.. لأنها يجب أن تكتشف ذلك بنفسها..
تدرك صديقتي، أن أهلي إن علموا أن من أسباب همي ما أطالعه في الكتب سأحرم منها، لذلك هي تحاول في كل مرة إقناع نفسها وإقناعي بأنه متأتّى من مصدر آخر..
المطالعة تفتح آفاقا لا يسمح لك الواقع الممنهج بدخولها تحت مسمى الهرطقة والخروج عن الملة و..و..
صديقتي تعرف هذه الحقيقة، لكنها مثلي لا تجد الكلمات المعبرة عنها، فإنها، تلك المطالعات، أغلبها تنير العقل الذي أبَوْا إلا أن يحبسوه في ظلمة أفكارهم وحدها كأنهم استبدلوا دين الله بفهمهم فاستعبدوا الناس الذين خلقوا أحرارا!
أنا وصديقتي علمنا القرآن أن نتفكّر ولا نتبع ما وجدنا عليه آباءنا، علمنا أن نأخذ ما وافق الفطرة ونترك ما خالفها.. أن "نتفكر" و"نتدبر" و"نعقل" لا أن نأخذ الأشياء مسلّمة دون تمحيص!
أنا وصديقتي تألمنا من ولولات مُقدّسي المفكرين ومقدّسي المشايخ والمفتين،... لا أحد مُقدّس، لا أحد معصوم، ولا تاريخ يمكن أن نثق به.. التاريخ تاريخ.. نطّلع عليه لمجرد أن نقرأ ما دوّنه الأوّلون ونحن لا نثق بما كتبوا فهو لم يسلم من التحريف، أليس المنتصر هو الذي يكتب التاريخ حسب هواه؟! ..
تقول صديقتي، أن حديثنا هذا لا يجدر به أن يكون منشورا في صفحتي، لأنه قد يلقى اعتراضا.. وإني أحب إن كنت على خطأ أن أعدّل المسار، ما نحن في الأرض إلا باحثون عن الحقيقة في متاهة من الانقسامات والصراعات والادعاءات والخديعة..

(ربي إني مسّني الضرُّ وأنت أرحم الراحمين)


المؤلف: مريم الشول

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق