الأربعاء، 26 أغسطس 2015

تَعَب

"قد لا أعرفُ شيئًا غير أني تعبت..
هكذا من دون مُقدمات، ولا أيّ سبب واضح ومؤكد..
قد تتكاثر الأسباب إلى درجة أن يصير تعبي من دون سبب!
ولهذا أقسمُ أني تعبت وما عدتُ أقوَى على المزيد من التعب..
ألهث على ناصية الزمن، مُسترجعةً خيباتي على مهلٍ..
أتحسس سُخرية الوقت مما وصلتُ إليه..
أبكي كطفلٍ سقطت منه لعبته الحميمة في زقاق الحياة وهو ليس بقادر على القهقرى لاستعادتها من جديد، الحياة لا تعطيه تلكَ الفرصة بكل تأكيد!
تحتد صرخاته، مُحتجًا على قانون الحياة القاسي والذي لم يُراع يومًا طفولته الضائعة، طفولته التي ما عرفها يومًا!
قد يبكي، ويبكي ويبكي! دون أن يستعيد ما فقد، ودون أن يسترجع ما أضاع..
قد تختفي كل الأشياء التي كانت سببًا في وجعه، ومع ذلك يبقى الوجع!
قد تنفد صرخاته، وتجف دمعاتُه، وتختفي جراحُه،
ومع ذلك يظلُّ يتألَّم..
ولكن من المؤكَّد أن أحدًا لن يُصدقه !
- لماذا عساهُ يبكي وما من دليل دامغٍ يُثبتُ انكساره الفعلي؟
ربما عليه في تلك الحالة، أن يقهقه من شدة الوجع علَّه بذلك يُقنعهم بأن الألم عنده قد بلغ أقصى درجاته حتى أنّه اختار الضحك كوسيلة للتعبير ما دام البُكاء صار عندهم مُبتذلاً ولا يُجدي أي نفع، بات كحُجة واهية على ألم لا وجود لهُ -في نظرهِم- (ومع ذلك هو يتألَّم)..
- قد يُلغي الوجود وجود ألمِكَ، ومع ذلك تظل تراهُ وتتحسسه وتتحدث معه وتشتكيه للوقت "الذي هو أيضًا لا يصدقك!" ، لتعودَ إليه من جديد، إلى وصبك الحميم، ألمك الذي ما فارقك قط، ترتمي في أحضانه مجهشًا بالبكاء وتعترف "ما استطعتُ أن أتحمَّل عبأَك" تتوسَّله أن يخفف الحمل عن كاهلك وإذ بكَ تحنو أكثر وأكثر..
ترى أنّ جسدك واقفٌ، ولكن نفسك قد أوشكت على السقوط فتعرف بذلك أن تعبكَ لم ينقص! بل تضاعف وتضاعف...
ترى أنك لم تُثر شفقة أيًا منهم! بل ازدادت المؤامرات من حولك..
ترى أن الكثير من التحديات تنتظرك، وما زالت الحياةُ تعلفك من الأوجاع وتعلفك وتعلفُك حد "التُخمة"!
وما لا يُصدّق أنكَ تنظر في المرآة، فتُخبركَ أنّك ما زلتَ حيًا!
- نعم! برغم كتل الوجع والتعب التي تثقل على صدرك، والتي تكاد تخمد فيكَ نبض الحياة، ما زلتَ حيًا...
- أي حقيقةٍ زائفةٍ هذه ؟"

المؤلف: سوار بوغانمي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق