الثلاثاء، 18 أغسطس 2015

هراء التنمية البشرية

"دع القلق وابدأ النجاح"
إذا كان مصعد النجاح معطلا فاستعمل السلم"

حقا!!؟؟ هل أنت متأكد من هذا الهراء! ماذا لو كان السلم مكسورا أيضا! ماذا عساي أفعل؟ أم أنك لم تحسب لهذا حسابا؟

     في هذه الحقبة، وعلى الصعيد العربي خصوصا، تبرز مهنة جديدة تدر على أصحابها أرباحا خيالية.. كل ما عليك فعله هو اقتناء بعض الكتب التافهة من نوع "المفاتيح العشر للنجاح" ومشاهدة بعض مقاطع الفيديو لمحاضرات من نوع "التحكم في الطاقة الديناميكية والتكيف العصبي".. بدلة جميلة.. بعض الشهادات العلمية من جامعات كجامعة الميتافزيقيا البريطانية أو أي اسم قد يبدو مبهرا وكأنه لجامعة عريقة وفي الحقيقة تكون كل الشهادات مزورة.. حسنا!! ها نحن جاهزون..
     أولا دعنا نتفق أنني في هذا المقال لا نية لي باستهداف أناس بأعينهم، بل أنقد مجالا كاملا بكل جوانبه ولا تعنيني الأسماء بقدر ما أهتم بالصفات..
     «تكون قاعد في أمان الله»، أو في طور إنجاز أحد الأعمال المهمة، أو تتصفح أحد مواقع البحث عن عمل، وفجأة من حيث لا تدري، يخرج لك ذاك الإعلان.. الإعلان الذي أُوجد خصّيصًا ليخبرك كم أنّك محضوض لأنك رأيته! "فرصتك الذهبية لتصبح مدربا معتمد في علم الطاقة الديناميكية والتكيف العصبي"، " فرصتك لتحضر محاضرة علم الطاقة الأرغوانية المنبعثة من الغدة النخامية"...
     ومن هنا تبدأ رحلة الوهم والعلم الزائف والنصب على مجموعة من الناس لم يعد لها من الأمل مايكفي لإعمال عقلها وصارت تتبع كل شيء يبدو مبهرا..
ومن أهم وسائل النصب التي يستعملها هؤلاء..

1- الطقم الشيك 
     هنا، الرهان يكون قائما على لغة الجسد والمظهر الخارجي ضمن ما أعتبره "أسلوبا للإبهار".. فصاحب عقل بسيط سيقول يا له من إنسان ناجح -مادام قادرا على إقتناء بدلة كهذه!! لا بد أن كل كلامه عن النجاح صحيح..
     بدلات شيك وابتسمات مستفزة وتبدو مصطنعة، لكأنك في عرض مسرحي مقدمه يدرك جيدا أنه في طور جني بعض المال من بسطاء العقول.. 

2- سيرة ذاتية مبهرة 
     الأمر غريب فعلا! لكني أتحدى كل مدرب تنمية بشرية أن يثبت مصدر شهادته وصحتها بمن في ذلك إبراهيم الفقي.. نعم كما قرأت إبراهيم الفقي..
     من هذا الذي يملك كل هذه المؤهلات والشهادات في الدكتوراه ومن أعرق الجامعات في العالم كأكسفورد وهارفورد وغيرهما ويكتفي بالتجول من مكان إلى آخر لبيع الوهم والهراء.. يا أخي إن كنت بكل هذه العبقرية فصدقني العالم يحتاجك للتقدم وهناك من سيدفع لك إن كنت تريد ذلك..
     أما في ما يتعلق بإبراهيم الفقي على وجه الخصوص -أشهر مدرب تنمية بشرية عرفه التاريخ العربي والمصري.. الحاصل على شهادات من جامعة الميتافيزيقيا (معترف بأنها خرافات) الأمريكية ومن جامعة كندا وبريطانيا والحائز على برائات إختراع وإكشاف علمين جديدين...- لا يملك صفحة ويكيپيديا بالإنڨليزية!!!!!! لا لستُ أمزح.. نعم ذاك الشخص ومع إحترامي له (كما قلت في البداية) إلا أن أبرز دليل على أن ما ينشره هو مجرد هراء.. كونه لا يملك إلا صفحة باللغة العربية في ويكيپيديا! لماذا؟ لأن ويكيپيديا الإنڨليزية لا ترحب بالهراء.. حتى لو كان فاخرا وصُنع في كندا!
     أعلم انه من غير الجيد ذمّ الموتى ولكنك لا تستطيع أن تقول إن هتلر ملاك على سبيل المثال!
هذا الشخص (فقط على سبيل المثال) ومع احترامي لشخصه، بنى إمبراطورية من الكذب في العالم العربي.. وصار الجميع «يهتري» به وبكتبه ودوراته... لو لم يكن كلامه كذبا، لماذا لا ينتشر إلا في الدول العربية والمشرقية أساسا؟! لماذا لا نسمع له أي أثر في العالم الآخر؟ (الغربي). (ملاحظة: مشهود له بسرقات أدبية كثيرة)..

3- المقولات والعبارات الرنانة
     يقــول (ديفيـــد فيسكــوت): إننا جميعاً نتطلع إلى السعادة ونبحث عنها.. لكن السعادة ليست هدفاً في ذاتها. إنها نتاج عملك لما تحب، وتواصلك مع الآخرين بصدق.
     هل فهمــت شيئاً؟!.. لا؟.. لا بأس.. المستمع ذو العقل البسيط سيتعامل مع هذا الكــلام الفارغ بإهتمام كبيــر كأنه جوهرة من جواهـــر الحيـــاة..
     يميل محتالو التنمية البشرية إلى الاستعمال المكثف لمثل هذه المقولات والعبر والتي يتعامل معها المتلقي بإهتمام وعمق كبيرين.. لا تنسى أن من يقولها يلبس بدلة وله الكثير من التحصيل العلمي!..

     وأخيرا لا ننسى الأثمان الباهضة لمحاضرات الهراء التي قد تصل لألاف الدولارات وإسناد الشهادات في نفس الميدان مقابل الكثير من المال وحشر الدين والعاطفة في عميلة النصب هذه لجني مال أكثر..

     قد يكون لهذا المقال جزء ثانٍ نواصل فيه كشف ترهات هؤلاء الدجالين الجدد.. والحديث في النقائص التي ذكرتها من استغلال للدين وسرقة الملكيات الفكرية وتسويق كتب لهذا الهراء..
     لذلك ربما يكون لك دور في مساعدتنا على هذه المهمة الشاقة بتفاعلك. فإن كنت قد سجّلت نوع آخر من المغالطات والتحيّل في هذا الميدان فيسعدني أن تمدني به. دعونا نحارب الغباء بالغباء!

المؤلف: غازي النهيدي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق