الأربعاء، 19 أغسطس 2015

مقابرُ النسيان


هنا مدينةُ الأحلامِ، هنا يندفِعُ بِي سيلُ ذكرياتِي لأعيشَ عزلةَ مقابر النسيان يجدِفُ بي التيارُ حِينًا لكنني أبدا لم أكف عن إجتياز الأمواج بمدها وجزرها..
هنا لم أكفَّ أبدا عن استرجاعِ طيف الماضي ومفاتيحِ المستقبلِ..
هنا بين زحمةِ الأسماءِ يطرقُ بابَ ذاكرتِي إسمكَ وتاريخكَ وتفاصيلَ معبركَ..
أنعزِلُ لساعاتٍ أجانِبُ صبرِي وأخاطبُ وحدتِي وأبتسِمُ لموتِي..
قليلًا ما يمرُّ العابرونَ هنَا وقليلًا ما أُعانِقُ نظراتِ طفلٍ تداعبُ روحِي وبسمةَ شيخٍ تحنو لعناقِي..
لا يوجدُ أحدٌ هُنا سوى طفلٍ أرهقهُ الركضُ نحوَ طفولتهِ وشيخٍ يخطو خطاهُ البطيئةَ لذلكَ فأنا أعدُّ السنينَ التِي رسمتْ أثرَ العودةِ بينَ عينيهِ أمَّا أنا فغالبًا ما أقبعُ على الجانِبِ الأيمنِ مِن المدينةِ أخطُّ هذيانِي وألتمسُ إصفرارَ أوراق دفترِي المهملِ لأنِّي فِي الحقيقةِ لم أكتب يومًا ولم تعتد خطوطُ يدِي على حملِ القلمِ بعد...
لستُ بكاتبة أو قارئة أو حاملة قضية كما إدَّعى الكثيرُ، أنا سعالُ الموتِ لمّا غصَّ جوفهُ بالحياةِ وغبارَ الكِتابِ المُلقى على طرفِ الرصيفِ..
أختلسُ منَ وقتِي وقتًا لأسافِرَ نحوَ غيبةِ المودِّعين وحرقةَ المغتربين ثمَّ سرعانَ ما أقتلعُ جذورَ حزنِي وأعود من جديدٍ لرؤيةِ ذاك الطفل وهو يحضننِي حدّ اتصالِ روحي بروحِه وذاكَ الشيخَ يفتحُ لي صفحاتَ الدفترِ العربِيِّ ممزِّقا موتَهُ المشتهى..


المؤلف: زهرة القاضي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق