الثلاثاء، 18 أغسطس 2015

هراء التنمية البشرية

"دع القلق وابدأ النجاح"
إذا كان مصعد النجاح معطلا فاستعمل السلم"

حقا!!؟؟ هل أنت متأكد من هذا الهراء! ماذا لو كان السلم مكسورا أيضا! ماذا عساي أفعل؟ أم أنك لم تحسب لهذا حسابا؟

     في هذه الحقبة، وعلى الصعيد العربي خصوصا، تبرز مهنة جديدة تدر على أصحابها أرباحا خيالية.. كل ما عليك فعله هو اقتناء بعض الكتب التافهة من نوع "المفاتيح العشر للنجاح" ومشاهدة بعض مقاطع الفيديو لمحاضرات من نوع "التحكم في الطاقة الديناميكية والتكيف العصبي".. بدلة جميلة.. بعض الشهادات العلمية من جامعات كجامعة الميتافزيقيا البريطانية أو أي اسم قد يبدو مبهرا وكأنه لجامعة عريقة وفي الحقيقة تكون كل الشهادات مزورة.. حسنا!! ها نحن جاهزون..
     أولا دعنا نتفق أنني في هذا المقال لا نية لي باستهداف أناس بأعينهم، بل أنقد مجالا كاملا بكل جوانبه ولا تعنيني الأسماء بقدر ما أهتم بالصفات..
     «تكون قاعد في أمان الله»، أو في طور إنجاز أحد الأعمال المهمة، أو تتصفح أحد مواقع البحث عن عمل، وفجأة من حيث لا تدري، يخرج لك ذاك الإعلان.. الإعلان الذي أُوجد خصّيصًا ليخبرك كم أنّك محضوض لأنك رأيته! "فرصتك الذهبية لتصبح مدربا معتمد في علم الطاقة الديناميكية والتكيف العصبي"، " فرصتك لتحضر محاضرة علم الطاقة الأرغوانية المنبعثة من الغدة النخامية"...
     ومن هنا تبدأ رحلة الوهم والعلم الزائف والنصب على مجموعة من الناس لم يعد لها من الأمل مايكفي لإعمال عقلها وصارت تتبع كل شيء يبدو مبهرا..
ومن أهم وسائل النصب التي يستعملها هؤلاء..

1- الطقم الشيك 
     هنا، الرهان يكون قائما على لغة الجسد والمظهر الخارجي ضمن ما أعتبره "أسلوبا للإبهار".. فصاحب عقل بسيط سيقول يا له من إنسان ناجح -مادام قادرا على إقتناء بدلة كهذه!! لا بد أن كل كلامه عن النجاح صحيح..
     بدلات شيك وابتسمات مستفزة وتبدو مصطنعة، لكأنك في عرض مسرحي مقدمه يدرك جيدا أنه في طور جني بعض المال من بسطاء العقول.. 

2- سيرة ذاتية مبهرة 
     الأمر غريب فعلا! لكني أتحدى كل مدرب تنمية بشرية أن يثبت مصدر شهادته وصحتها بمن في ذلك إبراهيم الفقي.. نعم كما قرأت إبراهيم الفقي..
     من هذا الذي يملك كل هذه المؤهلات والشهادات في الدكتوراه ومن أعرق الجامعات في العالم كأكسفورد وهارفورد وغيرهما ويكتفي بالتجول من مكان إلى آخر لبيع الوهم والهراء.. يا أخي إن كنت بكل هذه العبقرية فصدقني العالم يحتاجك للتقدم وهناك من سيدفع لك إن كنت تريد ذلك..
     أما في ما يتعلق بإبراهيم الفقي على وجه الخصوص -أشهر مدرب تنمية بشرية عرفه التاريخ العربي والمصري.. الحاصل على شهادات من جامعة الميتافيزيقيا (معترف بأنها خرافات) الأمريكية ومن جامعة كندا وبريطانيا والحائز على برائات إختراع وإكشاف علمين جديدين...- لا يملك صفحة ويكيپيديا بالإنڨليزية!!!!!! لا لستُ أمزح.. نعم ذاك الشخص ومع إحترامي له (كما قلت في البداية) إلا أن أبرز دليل على أن ما ينشره هو مجرد هراء.. كونه لا يملك إلا صفحة باللغة العربية في ويكيپيديا! لماذا؟ لأن ويكيپيديا الإنڨليزية لا ترحب بالهراء.. حتى لو كان فاخرا وصُنع في كندا!
     أعلم انه من غير الجيد ذمّ الموتى ولكنك لا تستطيع أن تقول إن هتلر ملاك على سبيل المثال!
هذا الشخص (فقط على سبيل المثال) ومع احترامي لشخصه، بنى إمبراطورية من الكذب في العالم العربي.. وصار الجميع «يهتري» به وبكتبه ودوراته... لو لم يكن كلامه كذبا، لماذا لا ينتشر إلا في الدول العربية والمشرقية أساسا؟! لماذا لا نسمع له أي أثر في العالم الآخر؟ (الغربي). (ملاحظة: مشهود له بسرقات أدبية كثيرة)..

3- المقولات والعبارات الرنانة
     يقــول (ديفيـــد فيسكــوت): إننا جميعاً نتطلع إلى السعادة ونبحث عنها.. لكن السعادة ليست هدفاً في ذاتها. إنها نتاج عملك لما تحب، وتواصلك مع الآخرين بصدق.
     هل فهمــت شيئاً؟!.. لا؟.. لا بأس.. المستمع ذو العقل البسيط سيتعامل مع هذا الكــلام الفارغ بإهتمام كبيــر كأنه جوهرة من جواهـــر الحيـــاة..
     يميل محتالو التنمية البشرية إلى الاستعمال المكثف لمثل هذه المقولات والعبر والتي يتعامل معها المتلقي بإهتمام وعمق كبيرين.. لا تنسى أن من يقولها يلبس بدلة وله الكثير من التحصيل العلمي!..

     وأخيرا لا ننسى الأثمان الباهضة لمحاضرات الهراء التي قد تصل لألاف الدولارات وإسناد الشهادات في نفس الميدان مقابل الكثير من المال وحشر الدين والعاطفة في عميلة النصب هذه لجني مال أكثر..

     قد يكون لهذا المقال جزء ثانٍ نواصل فيه كشف ترهات هؤلاء الدجالين الجدد.. والحديث في النقائص التي ذكرتها من استغلال للدين وسرقة الملكيات الفكرية وتسويق كتب لهذا الهراء..
     لذلك ربما يكون لك دور في مساعدتنا على هذه المهمة الشاقة بتفاعلك. فإن كنت قد سجّلت نوع آخر من المغالطات والتحيّل في هذا الميدان فيسعدني أن تمدني به. دعونا نحارب الغباء بالغباء!

المؤلف: غازي النهيدي

لعلّ القدر اختار أن نفترق..

لعلّ القدر اختار أن نفترق..
كأنّه لم يعجبه اختياري..
دمى القلبُ وصرخ يُنادي..
على البعيدة كلّما ابتعدت يصرخ.. "لا تبتعدي".. ولعلّ القدر اختار لي الليل.. واقعي.. بأن نفترق.. أتركه ليلا لتنامي..
وأما أنا فأسهره لأحترق..
وما الفرق أن نفترق..
رأيتُ فيك الحبّ فرأيتِ فيّ الفراق 
هذه ماهيّة الفرق..
لعلّ القدر لم يظلم أحدا.. فأراد أن يدلّني على قلبك الجريء أبدا لن يرحمني..
على خطأي..
فمهما اعتذرت يا قلبُ لن تغفر لي..
ومهما توسلت الرّجاء لخطأ ليس خطأي 
يا خطأ خُطّ سطرا أحمر على نفسك فلست خطأي ولست لي.. خُطّ سطرا أحمر لست خطأ فتلك عفوّيّتي.. يا عفويّتي..
لن يُغفر لكِ..
اعتقدتكِ خطأ وأنت لست خطئي.. يا عفويّتي.. مزجت عفويتي بخطأ فصيّرتها خطيئتي.. اتّقي نفسا أحبتك واغفري لعفويّتي..
إن لم تغفري.. سأغفر لكِ..
سأغفر لبرودكِ وأصبر على ظلمكِ.. لي..
ويا له من ألم لكنّك لن تعلمي..
معذرة على عفوّيتي
ثمّ نامي..
كأنّ القدر..
كتب عليك النوم وكتب عليّ السهر..
ثمّ نامي..

المؤلف: أنس عرابي

خواطر متغرب عاد..

في الماضي
في الماضي كانت الحياة بسيطة في بلدتي
كنا في صغرنا نرى في كبارنا القدوة و الشموخ
كانت المعيشة مشتركة الكل يتفقد بعضهم البعض
لم تكن للماديات أي قيمة فقد كانت المبادئ و محبة الآخرين فوق كل شيء
كانت الهموم مشتركة و الكل مسؤول عن سعادة الأخرين
كانت الإبتسامة تعلو وجوه الجميع لما فيها من الرضا و القناعة الشيء الكثير
تغربت و عدت إلى بلدتي بعد ستة أعوام و يا ليتني لم أعد
ما عدت أرى الإبتسامة في وجوه الجميع
سمعت عن أخ تخاصم مع أخيه على الميراث وعن أختهما التي حرماها من حقها
رأيت أكثر الناس يغلق الباب في طلب من سأله شيء
ما عدت أرى في بلدتي السعادة التي طالما عشت تحت ظلها
ما عدت أرى القناعة والرضا في وجوه الناس
الوجوه واجمة والقلوب قاسية والأفعال مشينة
أصبحت الماديات هي الهدف الأول لكل سكان بلدة عهدتها ذات مبدأ ومنبع المحبة للجميع
مات كبار البلدة و قدوتنا فماتت المبادئ والقيم
وكأنما كانوا في حبس وحرروا
حرروا غرائزهم فلم يعودوا يستطيعون التحكم في أفعالهم مع أبناء جلدتهم
لم يعد للحشمة و المروءة مكان
فهل ترى نتحمل زمان كهذا الزمان
في الماضي كان و كان
المؤلف: يوسف النويري

اللقاء الثاني..

أكان ذلك لقاءنا الثاني أم تراه اللقاء الأول متأخراً بعض الشيء؟!!
لا أدري..
فاللقاء الأول يا صديقي.. كان خاطفاً جداً.. ساحراً جداً.. بخفة الطيف وبرقة الندى..
أما الثاني فكان صامتاً جداً.. غامضاً جداً وأما اللقاء الثالث فكان مربكاً جداً وغريباً جداً... 
هكذا بدت لي لقاءتنا الثلاث القصيرة..
لكن، وبالرغم من ندرة اللقاء وشح المصادفات ازددت يقيناً لقاءً تلو الآخر بأن هنالك أشخاصاً لا اتحدث معهم كثيراً ولا يجمعني القدر بهم كثيراً لكن وجودهم يعني لي الكثير...
فمن الغريب حقاً أنك بت قادراً على محاكاة روحي، ومن الغريب كذلك أن انفجر أمامك بركاناً من الكلمات والأسرار التي لم أكن -قبل ذلك- قادرة على البوح بها لانسان و آثرت الاحتفاظ بها في محراب الصمت.. بعيداً عن عوالم البشر... لكنك ها هنا.. قد حللت ضيفاً عزيزاً على عالمي البعيد الهادئ..
فدمت لي صديقاً يحترف الإستماع للغة صمتي والإنصات مطولاً لأوجاع روحي.


المؤلف: ضوء القمر

بداية حب من نوع آخر...

- دثريني يا أمي دثريني.. غطيني بجناحيك غطيني وتمتمي دعواتك المعهودة لعلها تنجيني... ارميني في حضنك ارميني وبين ذراعيك طوقيني وداخل مقلتيك اسجنيني اسجنيني..
- ما بك يا بنيتي فقد حيرتني وبنظراتك البائسة أرهقتني..
- اعذريني يا أمي اعذريني ولكنني في حاجة إلى حنانك يحويني، وعن حبك لي أخبريني أخبريني..
- أأخبرك عن حبي وأنت تعلميه وعن قلبي وأنت تملكيه وعن حناني وقد عهدتيه؟ ما الأمر الذي بنيتي تخفيه؟
- قد خنت حبك يا أمي ورحت في الأرجاء أبحث عن غيرك.. لم أبال بقلبك الذي قدمتنيه ولا حبك الذي عاهدتنيه.. وكأن حبك لم يكفيني، رحت أبحث عن حب آخر يحويني..
- و هل وجدت غاليتي ما تروم أم في الأرجاء مازالت تصول و تجول؟
- ما هذا يا أمي الذي تقولين؟ أبهذا القلب تهزئين؟ أوبعد الذي قلته تبتسمين؟
- كيف لا أبتسم يا ابنتي وقد سمعت الذي أخبرتني؟ بصراحتك أدهشتني وبتذللك أخضعتني وبعذوبتك قيدتني..
- كلامك طوقني بحيرة.. ألم تشعري بذرة غيرة؟
- أغار نعم أغار.. و في هذا الأمر أحتار.. وتغرقني أنهار وأنهار من الأفكار.. ولكن اعلمي يا ابنتي، لولا حيرة أمي ما حيرتني..
- ما هذا الكلام المبهم وبكثير من الرموز مفعم؟؟
- اعلمي يا قرة عين أمك، ما يحيي هذا القلب غير حبك.. كل السرور في قربك.. كل الحزن في بعدك.. وكل الخوف في فقدك.. كذلك قالت لي أم أمك وتقوله لك أمك.. لو لم أحب ما أوجدتك.. لولا حيرة أمي ما أنجبتك.. ثمن دفعته لأجلك وستدفعينه لابنتك التي ستسبب حيرتك وستحيرها حفيدتك... هكذا هي سنة الحياة مع البنات.. ولكن إياك وقطف الضار من النبات... وأوصيك يا ابنتي الثبات الثبات..


المؤلف: مريم الخلفاوي

ما هي إلّا آخر الأحزان

في بهو قصري تم احتلال بسمة حياتي..
طعنة في الظهر كفيلة بتحويلك من كائن بشري يحيى حياة يغمرها الهدوء والسكينة إلى صاحب قلب ظل طريق دقاته..
تبحث أنت بدورك عن الأمل، عن حياة ليست كهذه الحياة..
تهدي لنفسك وردة
تصطنع تلك التقاسيم
تقاسيم وجهٍ ضحوك
تقف أمام مرآتك
تتحدث
تضحك
تبكي
تتأثر
تذوب في وجدانك
تمعن النظر في بؤبؤ عينك
تُميل فمك بحركة انسيابية متفاعلا مع ما أحسست به
تنظر لتفاصيل جسدك ككل..
و تهدي له وردة لكن..
لكن الوجه يغمره الحزن
بسبب انقراض تلك اللحظة
لحظة من أراد البحث عن الفرحة

تلتفت بظهرك لكل من
خانك
آلمك
كسر فؤادك
كان معينك -ولازال- في أن تكون وأن تظل إنساناً تم عزله عن الدنيا ومباهجها
يجلس بجانبك
يضحك في وجهك
يعانقك
وبيده اليمنى التي تعينه على أن يربت على ظهرك
يطعنك بسكين...!
أقل ما يقال عنه أنه...
هرم..
هرِمت تلك الأداة من استعمالاته الكثيرة
أصبح يتمنى أن يكون من الغائبين
لرؤيته أنه فتح جروحا لقلوبٍ لا تستحق أبدا..

فالشكر كل الشكر لكل من استأصل دائي ظنا منه أنه أتاني بدوائي ..
دواء الفرح السرمدي...

عندما تدرك -بينك وبين نفسك- أن الهلاك قد أوهنك..
تدقق في البحث
ابحث
وابحث
إلى أن تلتقي بمن يجود عليك بوقته كي يسمعك..
وتنطلق
لتبوح
وتنطق بكلماتك
تفصح عما في صدرك ومن ثم..
تعثر بدورك في عيني من ينصت إليك على دموع..
دموع انحصرت بين الأهداب
لا شفقة عليك بل تأثراً
تصمت حينها لبرهة ..
وتأخذ حيزا زمنيا بسيطا تراجع فيه أفكارك
وتتكئ...
تتأخذ ذلك الحائط سندا لك
وتسند إليه رأسك
لتنظر إلى تلك الوردة المهداة لنفسك
وتدندن..
إن كان الذي سمع أحاديث واقعي قد تأثر
فماذا عنّي أنا؟ ..
كيف عساي أن لا أتأثر..

قالو لي صبراً..
صبرا على نفسك!
لكن للصبر حدود
ولكأسي، الفارغ، المعلن عن ظمئه، فرح
ممتلئ هو الآخر شحوبا
ندوبا
صراخاً
وحتى بكاءً

في كل مرة أمد لنفسي ذلك العزاء المقيت
أجثو على ركبتي
وأفتح جروحا على كف يدي
وأكتب بدمي..

"ما هي إلا آخر الأحزان"

المؤلف: هشام ذويب

ارفع يديك من أين أتيت

سلام عليك توقف
ارفع يديك من أين أتيت؟

جئت من بلد جعل للحكمة بيت بلد طاهر أنقى من الزيت.. بلد بين الحلال والحرام قطع الخيط.. بيت بلد لا يطل على المحيط لكن الخطر من كل جهة به محيط.. بلد حرموا فيه الفقير من مبيت وجعلوا من تربته للفاسدين ملاذ شرق مخادع طامع وغرب مازال في زمن الإحتلال ضائع وحكومة ابتلينا بها.. رئيسها لتونس بائع من تسترضي يا هذا؟
تسترضي فرنسي قتل جدك؟ تسترضي أمريكي اغتصب في العراق أرضك؟ تسترضي بريطاني أباد في إفريقيا الوسطى إخوتك؟ تبجحت بالإرهاب فأفلتت الفسدة من العقاب فشكروا ووعدوك بالثواب.

ولكن يا صيد هل سترشي رب الأرباب حين تقف فلا تجد فوقك سحاب؟ حينها لن ينفع لا المخبر ولا الصباب ويا عجوز التسعين لا ملام عليك فأنت تخوض مع الخائضين ولا تدري مغبة أجرامك أفق أرجوك من أوهامك لن يرضى تونسي واحد بقاعدة للمحتل ولا تتعب نفسك فلدى شبابنا تجد الحل لازال لنا في الثورة أمل إن قدموا رفعنا السلاح ليس إرهابا ولكننا لا نرضى بالانبطاح.

المؤلف: أشرف نصيري

الحركة الإسلامية الحديثة في مصر ما بين الإصلاح والراديكالية والتوحش


يضم هذا التقرير:
1- نشأة الحركة الإسلامية في مصر. 
2- أقسام الحركة الإسلامية في مصر. 
3- مصطلح التوحش بين السياسة ورفع السلاح. 
4- جماعة الإخوان المسلمين ونشأتها. 
5- اتجاهات الجماعة بعد ثورة 25 يناير. 
6- مصادر تمويل الجماعة. 
7- جماعة أنصار بيت المقدس ونشأتها. 
8- مصادر تمويل جماعة أنصار بيت المقدس.
9- نظرة على جماعة الإخوان المسلمين وجماعة أنصار بيت المقدس.
الحركة الإسلامية وأسباب ظهورها؟

اختلف الباحثون حول أسباب ظهور الحركة الإسلامية في العصر الحديث، وقد اعتبرها كثيرون ظاهرة جديدة صاحبت انتقال العالم الإسلامي إلى العصر الحديث، وأرجعوها إلى ما اعتبروه حالة اغتراب تعرض لها الكثير من شباب المسلمين بسبب تسارع عجلة التحولات الاجتماعية والثقافية، تلك التحولات التي اقتبست على نطاق واسع من إشعاع الحضارة الغربية المعاصرة بدرجة اعتبرها البعض صداما مع عقيدة الإسلام التي هي جزء من الثقافة العربية.

كما اعتبر باحثون آخرون أن ظهور الحركة الإسلامية صاحبَ هزيمةَ العرب أمام إسرائيل في ٥ يونيو ١٩٦٧م، وهناك فريق ثالث من الباحثين رأى أن ظهور الحركة اللإسلامية هو ردّ فعل لسقوط نظام الخلافة الإسلامية والذي تمثل في إلغاء كمال الدين أتاتورك للخلافة العثمانية وإقامة جمهورية علمانية على أنقاضها في تركيا.

وبعيداً عن هذه التفسيرات، فإن الحركة الاسلامية في جوهرها ما هي إلا عمل سياسي واجتماعي إسلامي في الفضاء العام يهدف لإحداث تأثيرات إسلامية سياسية واجتماعية وثقافية ودينية في ذلك الفضاء العام عبر عمل عام له صور وأساليب شتى.

أقسام الحركة الإسلامية في مصر:

يكاد كل من كتبوا عن الحركة الإسلامية المعاصرة أن يتفقوا على أن الحركة الإسلامية هي نهر عام تنبثق منه روافد عديدة، أو هي حركة عامة تتكون من فصائل أو تيارات متعددة ومختلفة.
لكن اختلف الباحثون حول الأقسام التي تندرج تحتها الجماعات والتيارات والفصائل التي تتكون منها الحركة الإسلامية المعاصرة.
فأشهر تقسيم هو تقسيم سياسي يعتبر أن الحركة الإسلامية تنقسم لتيارين رئيسيين هما:

١ - التيار الإصلاحي: و يمثله في مصر "الإخوان المسلمون" ومن على شاكلتهم من الجماعات الأخرى التي لا تسعى إلى تغيير فوري وسريع عبر القوة المسلحة.
٢- التيار الثوري: وأبرز من يمثله في مصر"تنظيم الجهاد" ومن على شاكلته من المنظمات التي تسعى لإجراء تغيير سريع وشامل بالقوة المسلحة.

ولكن هذا التقسيم غير دقيق ويتسم بكثير من السطحية والتبسيط، لأننا نجد في مصر والعالم جماعات إسلامية تتبنى الوسائل المسلحة دون أن يكون استخدامها لهذه الوسائل أسلوبا للتغيير الشامل مثل "جماعة الناجون من النار" و"جماعة الشوقيين" و"جماعة التوحيد والجهاد" في مصر و"منظمة القاعدة" في مصر والعالم، فهل نسمي هؤلاء إصلاحيين وهم يستخدمون السلاح أم نسميهم ثوريين وهم لم يسعوا لتغيير نظام الحكم القائم إنما سعوا فقط للقيام بعمليات مسلحة محددة ومحدودة؟ وبالتالي فإن تقسيم الحركة الإسلامية إلى إصلاحيين وثوريين تقسيم غير دقيق وغير موضوعي.

وهناك تقسيم آخر مشتق من نفس التقسيم وهو تقسيمها إلى:
١- إصلاحيين: كالسابق.
٢- راديكاليين: ويقصد بهم الثوريين في التقسيم السابق.

وقد حاول بعض أبناء الحركة الإسلامية نفسها تقديم تقسيم أكثر دقة للحركة الإسلامية، ومن أبرز وأهم من فعل ذلك الدكتور أسامة عبدالله حميد أستاذ الجغرافيا السياسية بجامعة بنها وأحد أبرز المفكرين السياسيين في تنظيم الجهاد المصري، وورد هذا التقسيم في ورقة قدمها لمؤتمر عن "الفكر السياسي الإسلامي" كان قد نظمه المعهد العالمي للفكر الإسلامي بلندن في منتصف الثمانينات من القرن الماضي، وقد قسم أسامة عبدالله حميد الحركة الإسلامية في دراسته إلى أربع تيارات:

١- تيار الإسلام الاصلاحي: ويمثله "الإخوان المسلمون" ومن على شاكلتهم ممن يسعون لتغيير متدرج سلميا وربما جزئيا.
٢- تيار الإسلام الثوري: و يمثله "تنظيم الجهاد" في مصر ومن على شاكلته ممن يسعون للقيام بتغيير شامل وفوري بالأساليب المسلحة.
٣- تيار الإسلام السياسي: ويمثله في تاريخ مصر الحديث "جماعة مصر الفتاة" بقيادة أحمد حسين، ويقصد به كل من يتبنى الإسلام كمنهج ومرجعية سياسية في مواجهة الحاكم دون أن تتجذر لديه المفاهيم الإسلامية الأصيلة سواء كإسلام اصلاحي أو كإسلام ثوري، فالإسلام بالنسبة له مجرد شعار ونوبة حماسية يواجه بها ظلم الحاكم.

التوحش:

و يمكن تقسيم الحركات الإسلامية إلى إصلاحية وراديكالية والتوحش. ويمكن تعريف التوحش بالتصرفات من قبل الأفراد أو الجماعات التي تتصف بالهمجية تصرفاً وطبعاً، وقد تكون غير منظمة أي فردية بالقيام بالجرائم كالقتل والسرقة والخطف أو منظمة بارتكاب جرائم منظمة كالهجوم على المسلح على المدنيين أو مؤسسات الدولة السيادية ، وقد يكون لأهداف سياسية أو أهداف توسعية.

ويمكن تقسيم هذا المفهوم إلى:

1- التوحش السياسي والاجتماعي وهو الانخراط في الحياة السياسية ليس لأهداف سياسية فحسب بل لأهداف توسعية داخل الدولة ولإنشاء ما يسمى بدولة داخل الدولة. وهذا يُعدُّ خطرا على الأمن القومي للدولة. وهذا النوع يكون مخلوطاً بقضايا عرقية وطائفية أحياناً. وهذا ما نراه من حزب الشعوب الديمقراطي (الأكراد) بتركيا لهم حزب سياسي بتركيا، وانخرطوا في الحياة السياسية، إلا أن عندهم حلما بالانفصال. وانطلاقاً من حلمهم ينفذون بعض الضربات الإرهابية لنشر الفوضى وهو ما جعل الحكومة التركية تتحرك سريعاً نحو ضرب مواقع هذا الحزب. كما أن هناك توحشا اجتماعيا، وهو السعي الدائم لتغيب عقول الشعب ولهذا النمط من التوحش أساليب عدة، أهمها الآلة الإعلامية وفقط الدعاية الرمادية بصفة مستمرة مما يؤدي إلى إحداث حالة من حالات التنويم للعقول الضئيلة، والآلة الثانية هي استغلال ظروف المجتمع من فقر وضجر وغضب لبثّ بعض الأفكار وربط التأييد لفئة معينة بالإعانات المقدمة للأفراد .

2- التوحش المسلح وهو اتباع منهج حمل السلاح وحصر لغة الحوار في المواجهات المسلحة وقد تكون محدودة للضغط على الحكومات لتنفيذ بعض مطالب فئة معينة في الشعب وقد تكون ذات هدف توسعي أي السير نحو السيطرة على أراضٍ في الدولة، وبسط النفوذ، وبناء هيكل يشبه هيكل الدولة، وذلك مثل تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا. وهذا النوع يعلن عداءه لكل من يعاديه. وهذا النوع من التوحش له أبعاده على الأمن القومي العالمي، حيث أنه يسعى إلى تغير ديموغرافية العالم بأسره، وخرق معاهدات واتفاقيات دولية يسير عليها العالم. كما أن هذا النوع ينظر إلى القوانين المعترف بها دولياً على أنها قوانين وضعية، ويحاول أن يخضع من حوله لقوانينه التي تنبثق من معتقداته الفكرية والدينية. وهذا النوع يعتمد في حركته على الجريمة المنظمة وذلك بتوظيف عملياته غير المشروعة لجذب الأموال.

جماعة الإخوان المسلمين ونشأتها:

نشأت على يد مؤسسها وإمامها حسن البنا عام 1928م. وهي أحد فصائل الحركة الإسلامية الحديثة ونشأت على مبدأ رفض التنظيم، يعني اعتماد العفوية والفوضى في العمل الإسلامي. وقد ظهر ذلك في قول حسن البنا في وصفه للجماعة أنها "دعوة سلفية وحقيقة صوفية"، وأراد بذلك تجميع الحركات الإسلامية تحت لواء واحد ولكن ذلك فشل.

وصف حسن البنا جماعة الإخوان في رسالة المؤتمر الخامس على أنها جماعة إصلاحية شاملة تفهم الإسلام فهماً شاملاً وتشمل فكرتهم كل نواحي الإصلاح في الأمة وأنها:
دعوة سلفية، إذ يدعون إلى العودة إلى الإسلام، إلى أصوله الصافية القرآن والسنة النبوية، وهي أيضاً ... طريقة سُنية لأنهم يحملون أنفسهم على العمل بالسنة المطهرة في كل شيء، وبخاصة في العقائد والعبادات ما وجدوا إلى ذلك سبيلا.
حقيقة صوفية، يعتقدون أن أساس الخير طهارة النفس، ونقاء القلب، وسلامة الصدر، والمواظبة على العمل، والإعراض عن الخلق، فالعلم في الله والحب في الله، والأخوة في الله.
هيئة سياسية، يطالبون بالإصلاح في الحكم، وتعديل النظر في صلة الأمة بغيرها من الأمم، وتربية الشعب على العزة والكرامة.
جماعة رياضية، يعتنون بالصحة، ويعلمون أن المؤمن القوي هو خير من المؤمن الضعيف، وأن تكاليف الإسلام كلها لا يمكن أن تؤدى إلا بالجسم القوي، والقلب الزاخر بالإيمان، والذهن ذي الفهم الصحيح.
رابطة علمية ثقافية، فالعلم في الإسلام فريضة يحض عليها، وعلى طلبها، ولو كان في الصين، والدولة تنهض على الإيمان، والعلم.
وشركة اقتصادية، فالإسلام في منظورهم يُعنَى بتدبير المال وكسبه.
كما أنهم فكرة اجتماعية، يعنون بأدواء المجتمع، ويحاولون الوصول إلى طرق علاجها وشفاء الأمة منها. أي أن فكر الإخوان مبني على شمول معنى الإسلام، الذي جاء شاملاً لكل أوجه ومناحي الحياة، ولكل أمور الدنيا والدين.

جماعة الإخوان المسلمين واتجاهاتها بعد ثورة 25 يناير:

تاريخ الإخوان المسلمين وكتاباتهم كلٌّ منهما يدعمان فكرة أن الجماعة اصلاحية ولكنها في الفترة الحالية اتجهت إلى منهج الثورية منذ ثورة الـ 25 من يناير، ولمنهجهم الثوري عدة ركائز: وهي القدرة على الحشد والتجمهر ورفع اللافتات والصياح ببعض الشعارات في مواجهة بعد أجهزة الدولة كالمؤسسة الشرطية ثم مؤسسة القوات المسلحة. وقد نجح الإخوان المسلمون في الوصول للحكم من خلال مرشحهم الدكتور محمد مرسي والذي أطاحته المؤسسة العسكرية في مصر عقب أحداث 30 يونيو. وهنا اشتد منهج الإخوان الثوري وارتكزوا هنا إلى ثقافة الاعتصامات وما أسموه بالمليونيات الحاشدة. وفي خلال هذه الفترة نجحت جماعة الإخوان في لمّ شمل الحركات الإسلامية في مصر وضمها إلى حقبة الثورية الإصلاحية، رافعين شعار الثورة السلمية ولهم تفسير لهذا المصطلح على أن ما دون الرصاص هو سلمية.

تعريف وزارة الدفاع الأمريكية للإرهاب عام 1983م: (الاستعمال أو التهديد بالاستعمال غير المشروع للقوة أو العنف من قبل منظمة ثورية). أما الاتفاقية العربية لعام 1998م، فقد عرفت الإرهاب في مادتها الأولى فقرة (2) بأنه (كل فعل من أفعال العنف أو التهديد أيا كانت بواعثه أو أغراضه، يقع تنفيذا لمشروع إجرامي فردي أو جماعي، ويهدف إلى إفشاء الرعب بين الناس، أو ترويعهم بإيذائهم أو تعريض حياتهم أو حرياتهم أو أمنهم للخطر، أو إلحاق الضرر بالبيئة أو بأحد المرافق أو الأملاك العامة أو الخاصة، أو احتلالها أو الاستيلاء عليها، أو تعريض أحد الموارد الوطنية (للخطر) ووفقاً لهذا تم اعتبار جماعة الإخوان جماعة إرهابية وفقاً لأحكام القضاء المصري.

ورغم ذلك لم تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية جماعة الإخوان جماعة إرهابية، ولم تُصنَّف على أنها جماعة إرهابية من قبل الدول الأوروبية.

مصادر تمويل جماعة الإخوان المسلمين:

تعتبر أهم مصادر تمويل جماعة الإخوان هي الجمعيات الخيرية والاشتراكات الخاصة -"تبرعات أفراد الجماعة"- والتبرعات من الأفراد وأرباح مشاريعها الداخلية والخارجية، بجانب أموال منظمة الإغاثة الإسلامية الدولية. وفي السياق المتصل بمسألة تمويلات الإخوان واقتصادياتهم، قدم الصحفي الأميركي فرح دوغلاس الذي عمل في السابق مديرا لمكتب صحيفة "واشنطن بوست" في غرب أفريقيا، وهو يشغل حاليا منصب مدير مركز "إي بي إي"، تحت عنوان "اكتشاف جزء صغير من إمبراطورية شركات "أوف شور" لجماعة الإخوان المسلمين الدولية". ويعد هذا التقرير من أوائل التقارير التي كشفت عن مصادر تمويل الإخوان المسلمين.

وأشار دوغلاس في تقريره إلى أن الإخوان نجحوا بالتوازي مع بداية ظاهرة البنوك الإسلامية الحديثة، التي عرفها العالم في بداية الثمانينات من القرن الماضي، في بناء هيكل متين من شركات "أوف شور"، التي أصبحت جزءا لا يتجزأ من قدرتها على إخفاء الأموال ونقلها حول العالم، فهي شركات يتم تأسيسها في دولة أخرى غير الدولة التي تمارس فيها نشاطها، وتتمتع هذه الشركات ببعدها عن الرقابة، ورغم اعتبار الجماعة في مصر جماعة إرهابية إلا أن أجهزة المخابرات والمنظمات القانونية التي تطارد هياكل تمويل الإرهاب، في كل أنحاء العالم، لم تطارد هذه الشركات ولم تلاحقها.

وتكشف الوثائق التي اعتمد عليها دوغلاس في تقريره، أن الشبكة المالية للإخوان المسلمين من الشركات القابضة والتابعة، والمصارف الصورية، وغيرها من المؤسسات المالية، تنتشر في بنما وليبيريا، وجزر فيرجن البريطانية، وجزر كايمان، وسويسرا وقبرص ونيجيريا، والبرازيل والأرجنتين وباراغواي.

ورغم كل ذلك يعد المصدر الرئيسي لتمويل جماعة الإخوان المسلمين هو الاشتراكات من الأعضاء، طبقاً لموقع كل فرد في الجماعة. وبلغت بعض التقديرات لهذا الجانب التمويلي بنحو 603 مليون جنيه سنوياً.

جماعة أنصار بيت المقدس "ولاية سيناء حالياً":

"أنصار بيت المقدس" كانت بالأساس متواجدة في غزة، وكان هدفها الأساسي، كما هو واضح من الاسم الذي تحمله، "تحرير فلسطين والأقصى". ونتيجة تطورات الأوضاع في غزة، والتزام "حماس" بالتهدئة مع اسرائيل جرى تحول لدى الجماعة بسبب القيود والتضييقات التي مورست عليها من قبل حركة "حماس"، خاصة وأن "أنصار بيت المقدس" حاولت أحيانا كسر الهدنة القائمة مع اسرائيل بين فترة وأخرى، مما خلق إشكالات لها مع "حماس" التي تهيمن على القرار في القطاع الفلسطيني المحاصر ومع الضغوط عليها، تسرب بعض أفرادها إلى سيناء. ويعد هذا التنظيم من أخطر التنظيمات في مصر، فقد نجح في توجيه بعض الضربات وتنفيذ الهجمات على الجيش المصري في سيناء. وقد ظهرت هذه الجماعة في مصر بوضوح بعد عزل الدكتور محمد مرسي عقب أحداث 30 يونيو.

و في بادئ الأمر، كان ينظر هذا التنظيم إلى الجيش المصري باعتباره جيشا ظالما يجور على المدنيين، إلى أن تمت مبايعة هذا التنظيم للدولة الإسلامية، ومنذ هذه اللحظة أطلقوا مصطلح الردة على الجيش المصري. ويرقى هذا التنظيم إلى مصطلح إرهابي فهو يمتلك أهدافا توسعية ومسلحة. ويعد ظهور التنظيم في هذا التوقيت ليس للوقوف مع جماعة الإخوان المسلمين وليس دفاعاً عن الديمقراطية، فهم لا يؤمنون بها من الأساس حيث يعتبرون الديمقراطية كفراً، ولكن تحركاتهم كانت من أجل خوف هذا التنظيم على مستقبل الحركة الإسلامية، إذ أنهم يرونه استضعافا للتيار الإسلامي، فوقفوا ضد الإخوان وقالوا أن سلميتهم ليست من الدين وأن الجيش المصري جيش الردة. وهذا ما يؤيد فكرة أنهم يعارضون ويعادون كل من يقف ضد مصالحهم ورؤيتهم المستقبلية.

ولاية سيناء ومصادر تمويلها:

تعتمد ولاية سيناء على دعم التنظيم الأم، وهو الدولة الإسلامية. ويعد هذا أهم مصادرها المالية والبشرية والمادية، حيث أن تنظيم الدولة الإسلامية استطاع تكوين شبكة عابرة للحدود لتغذية التنظيمات المؤيدة لها في باقي أنحاء العالم. كما أن هذه التنظيمات استطاعت أن تخلق لنفسها أصول تمويل ذاتي، ثم تأتي بعد ذلك أموال الزكاة والتبرعات من الجهات ورجال الأعمال المدعمة لها وعمليات التهريب (لـ: البشر – السلع – السلاح )، ثم سياحة الفدية وهي أحد أهم مصادر تمويل مثل هذه التظيمات واعتمدت على هذا المصدر من قبل تنظيم القاعدة بأفغانستان وحركة الشباب المجاهدين بالصومال.

جماعة الإخوان وجماعة أنصار بيت المقدس:

يعد مصطلح الإرهاب مصطلحا سياسيا يستخدم لأهداف سياسية فحسب. كما أنه لا يوجد تعريف واضح للإرهاب في العلوم السياسية. ويمكن نقل هذا الجدل إلى ما أسميه إدارة التوحش للتفرقة بين التوحش العسكري المسلح والتوحش السياسي والمجتمعي. فتنظيم ولاية سيناء يرقى إلى التوحش العسكري المسلح، حيث أنه يحسم المواجهة مع النظام الحاكم باستخدام السلاح ولا يلجأ إلى التفاوض مع النظام -أي صدامي بطبعه. ووفقاً لنشأته في الجبال فإن لغة الحوار عنده لا تتم إلا بالسلاح.

أما جماعة الإخوان المسلمين، فلديهم كيان مجتمعي يمارس حياته السياسية ويلجأ للتفاوض السلمي. وبهذا لا يكون هناك أي وجه للمقارنة بين تنظيم ولاية سيناء وجماعة الإخوان المسلمين. كما أن هيكل الجماعة لا يمكن وصفه بالتوحش السياسي حيث أنه ينخرط في الحياة السياسية ويتبع الخطوات الديمقراطية المتعارف عليها لتنفيذ أجندته الخاصة وحلمه السياسي، كما أنه لا يوجد لديه لهجة التكفير وعنده مرونة تامة في التعامل مع الدولة والفصائل المختلفة عنه.

وصف التنظيم بالإرهابي في مصر كان غرضه سياسياً من الدرجة الأولى، إذ لم يعترف بهذا التصنيف الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك لأن النظام الحالي في مصر يرى أن هذا الفصيل فقد شرعيته على الأرض ولا بد من عزله سياسياً كما تم عزل مرشحه الرئاسي والفائز بالرئاسة سابقاً.

إعداد: عبدالله المصري

الاثنين، 17 أغسطس 2015

زيارة إلى قلبك

عجيب أمره.. كيف يمكن لذلك العضو الصغير في الحجم أن تكون له كل هذه السيطرة على باقي الأعضاء.. أن يكون له كل هذا التأثير على النفس.. الروح والجسد كالخاتم في إصبعه.. إذا مرض مرضت الروح والجسد، وإذا إنتعش انتعشت الروح ورقصت خلايا الجسد على لحن دقاته العذبة واستيقظت النفس مستبشرة ببداية يوم ربيعي جميل..

نعم إنه القلب.. إنه تلك العضلة النشيطة التي تضخ الدم إلى سائر خلايا الجسم.. تلك العضلة التي تعمل بلا كلل ولا ملل..
ولكنها متقلبة المزاج.. كطفلة مشاكسة، تحتاج منك الفطنة والحذر في التعامل معها.. كفتاة مدللة، تريد منك الإهتمام التام.. كسيدة تنذرك بأن إهمالها ليس بالأمر الهين، وقد تغادرك في النهاية إن أنت أخذت إنذارها على محمل الهزل.. كعجوز مقعدة، تحتاج منك عناية خاصة..
نعم.. إنه القلب.. ذلك العضو الصغير ذو الشأن الكبير...
ولكن.. متى كانت آخر مرة زرت فيها قلبك؟ متى كانت آخر مرة تمشيت في أرجائه.. تجولت في أركانه.. دخلت غرفه.. تفقدت أثاثه؟
لا تعلم؟ إذاً دعنا ندخل الآن.. لا تخف..
ما هذا؟؟
حديقة موحشة إحتلتها الأعشاب الضارة والأشواك.. غرف مظلمة.. حيطان إسود لونها.. أركانٌ إتخذتها العناكب والحشرات بيوتاً ومسكناً.. أثاث دفن تحت غبار كثيف.. ستائر ممزقة..
ما هذا يا صديقي؟ آه عذراً! لا بد أنك لا تعلم، فقد مرت فترة طويلة منذ أن زرت فيها قلبك.. لا لوم عليك!

مهلاً!
ما هذا الضوء الخافت من بعيد؟ دعنا نتحقق من الأمر..
انظر! انها شمعة.. شمعة مضيئة.. شعلة تصارع الرياح.. قبس من نور لازال يقاوم.. ولكنها شمعة قصيرة هزيلة تحتضر.. حائرة هي.. لا تدري لمن تسلم تلك الشعلة، فقد فارقت زميلاتها الحياة .. فبقيت شمعة وحيدة.. شمعة قصيرة هزيلة تحتضر.. لكنها لم تيأس، مازال الأمل رفيقها وأنيسها في هذه الظلمة...

لم تزدها سخرية تلك الأركان المظلمة إلا إصراراً وتحدياً.. شمعة لا ترضى بأن تنير ركنا وحيداً فقط.. شمعة تستفزها باقي الأركان المظلمة.. شمعة مازالت تنتظر من يأتي ليكمل المهمة من بعدها..

أ لم تعلم بعد من هي تلك الشمعة؟
إنها روحك.. روحك التي أقعدها المرض.. روحك التي تصارع الموت كل يوم والموت لازال يتربص بها من كل الجهات ...
منفذ آخر فقط، وتزهق تلك الروح المسكينة التي تسارعت أنفساها وخنقتها العبرات.. تلك الروح التي لازالت تنتظر من يأتي لينعش هذا القلب الذي يحتضر.. هذا القلب الذي قاطعها ومنع عنها الاكسجين والغذاء.. تلك الروح التي لازالت تنتظر.. تنتظر من يعيد إليها الحياة فتبعث من جديد..
إذاً يا صديقي.. أما آن الأوان أن تقوم بزيارة؟
ربما تزيل بعض الغبار.. ترمم بعض الأثاث.. تغير الديكور.. تقتلع بعض الأعشاب الضارة.. تغرس شجرة برتقال هنا وشجرة تفاح هناك.. قرنفل هنا وياسمين هناك..

أما آن الأوان أن تطرح هذا السؤال: كيف حالك يا قلبي؟ أ بخير أنت؟ ما أخبارك؟
أما آن الأوان أن تراجع نفسك؟ تتجاذب أطراف الحديث مع أناك التي تقبع داخل قلبك؟ مع تلك الروح التي أقعدها المرض ولازمت الفراش؟

بلى، قد آن الأوان..
قف يا صديقي.. فلتضع يدك على صدرك!
أمازلت تشعر بدقات قلبك؟ قلبك مريض نعم، ولكنه مازال يعمل..
أتشعر بذلك النبض الشبيه بسمفونية جميلة تطرب لها الآذان؟
أتشعر بذلك الإيقاع المتناهي في الدقة؟
أتشعر بتلك الدماء المتدفقة في عروقك؟
أتشعر بتلك الخلايا التي تتنفس الصعداء كلما وصلها الأكسجين والغذاء؟
ألم تسري في جسدك قشعريرة بعد؟
ألم تشعر بعظمة الخالق المبدع الذي وهبك قلباً ينبض ويداً يمكنك رفعها لتضعها على ذلك الصدر وتشعر بذلك النبض الذي يطمئنك ويخبرك بأنك لم تمت بعد.. بأنك مازلت على قيد الحياة.. بأنك حي ترزق.. بأنه لم يفت الأوان بعد لتمتهن مهنة الطب وترتدي ميدعة بيضاء وتضع سماعة وتصغي إلى قلبك...
إجعله يخبرك كيف بدأ هذا المرض.. ما العامل القادح الذي بدأت معه الأعراض بالظهور؟
إجعله يخبرك بكل شيء.. ويعترف بمدى اهماله وأنه كان سبباً في الذي حصل له، ولو بنسبة ضئيلة..
ولكن لا تنس أن تطمئنه وتخبره بأن إعترافه بحالته وزيارته للطبيب دليل على مدى وعيه ورغبته في التحسن.. أخبره بأن الشفاء رهين بمدى تعاونه ويحتاج إلى ثقة متبادلة وعلاقة أخذ وعطاء بين المريض والطبيب ومتابعة مستمرة من قبل الطبيب..
أخبره بأن الدواء ليس باهض الثمن ولكنه مرتبط بمدى رغبته في الشفاء ومدى إلتزامه باتباع نصائح الطبيب وعدم إهماله لتعليماته..
تلك الكآبة والحيرة التي أصابتك يا قلب ستندثر.. ذلك الألم الذي تشعر به سيزول بإذن الله.. فقط، عليك باتباع وصفة الطبيب.. الطبيب الذي هو أنت في آخر الأمر...
ولكنك الآن وقد علمت بأنك في حاجة إلى تغيير شيء ما في داخلك.. في حاجة إلى سكينة تطمئن بها قلبك وتداوي بها جروحك، قد تتساءل يا ترى، ما الدواء الذي سأصفه إلى نفسي؟

هنا يجيبك الحق جل جلاله؛ " ألا بذكر الله تطمئن القلوب"
قلبك أكلته الهموم؟ قلبك أغرقته مشاغل الدنيا؟ "ألا بذكر الله تطمئن القلوب"
قلبك جريح؟ قلبك ينزف توتراً؟ "ألا بذكر الله تطمئن القلوب"
قلبك يحتضر؟ قلبك يكاد يتوقف عن النبض؟ "ألا بذكر الله تطمئن القلوب"
أذكر الله يا صديقي...
لا تجعل يومك يمر من دون ذكره...
لا تجعل تلك السويعات تتفلت من بين أصابعك من دون ذكر السميع العالم..
هو الذي يعلم ما في قلبك.. هو الذي يعلم معاناتك.. أذكره.. إشتك له.. سيستمع إلى شكواك.. وستنفس أنت عن ما تلاقيه..

فقط أذكره..
لتطمئن... و ليطمئن قلبك..
هذا الدواء يا صديقي يمكنك أخذه متى شئت.. صباحاً أو مساءً.. حبة أو حبتين.. قبل الطعام أو بعده.. في بيتك أو في عملك.. جالساً كنت أو مهرولا.. لست مقيداً بوقت ولا بمقدار معين .. متى أخذته وواضبت عليه، سيؤدي مفعوله بإذن الله..
والقرآن..
القرآن يا صديقي..
القرآن الذي فيه شفاءٌ لأمراض الصدور وجراح القلوب ...
القرآن الذي يمطر قلبك غيثاً نافعاً فيؤتي أكله من بعد ما كان قاحلاً موحشاً، احتلته الأشواك والأعشاب الضارة..
القرآن الذي به الجراح تندمل والندوب تختفي...
القرآن الذي به تنتعش الروح وتنقشع الظلمة...
القرآن الذي به تحيا القلوب...
فلتقرأ منه ما تيسر يومياً وإحفظ في صدرك نصيب منه..

تخيل معي فرحتك وأنت تستمع إلى تلاوة آية ما وتكملها أنت حفظاً.. نعم يا صديقي، ستزهو وستطرب، وإن كنت لا تفقه منه شيئاً ولكن ستغمرك فرحة لا تدري من أين وكيف أتت، وإن كان السبب واضحاً وضوح الشمس..

فلتشمر عن ساعدك ولتعزم ولتتوكل على الله ولتعاهد نفسك بأن تجعل للقرآن مكاناً في جدول أعمالك اليومي المزدحم.. مكانا مقدساً لا يمكن المساس به.. مكاناً سيظل ما ظللت حياً .. مكانا سيبقى وسيدوم مادامت السعادة ضالتك والفرح غايتك..
الآن وقد واضبت على هذه الوصفة، فباقي ما سأخبرك به لن يتطلب منك جهداً كثيراً.. فقط المثابرة حتى تتعود على هذا الأمر.. حتى يصير وكأنه جزء منك..

لا تنس وأنت تستيقظ صباحاً بأن تخبر نفسك بأن هذا اليوم سيكون سعيداً بالرغم من الهموم والمكارب.. بأن تعد قلبك بأنك لن تنساه اليوم.. لن تحرمه من الفرح.. السعادة قرار.. ستأتيك متى فتحت لها الأبواب، متى استقبلتها بالأحضان..
لا تنسي وأنت تنظرين إلى نفسك في المرآة وأنت تضعين زينتك ومعطفك متأهبة للخروج بأن تحمدي الله على هذا اليوم الجديد..
لا تنس وأنت تسوي ربطة عنقك بأن تشكر الله لأنك اليوم في صحة جيدة.. وأنظر إلى صورتك التي في المرآة.. تأملها جيداً.. أشر إليها بإصبعك.. وقل لها: " أنا اتحداك اليوم بأن تقدم أفضل ما عندك.. بأن تدرس باجتهاد.. بأن تتقن عملك.. وليكن التحدي شعارنا.."
لا تنس وأنت تمشي في الطريق، قاصداً وجهتك، بأن ترسم على محياك إبتسامة عذبة، تكون كالشحنة الإيجابية من أجل كل شخص يمر بجانبك.. من أجل يومك هذا.. من أجلك أنت..
لا تنس وأنت تمر بجانب طفل صغير بصحبة أمه بأن تبتسم له، وتلاعبه وتثني عليه..
لا تنس وأنت تمر بجانب شيخ طاعن في السن، يحاول بجهد قطع الطريق والسيارات تأبى بأن تتوقف له والكل مسرع متشنج لا يكاد يلمح بعضهم بعضاً.. بأن تلمحه أنت.. بأن تلاحظه أنت.. بأن تساعده أنت.. صدقني، شعور بالرضا لا يشترى بمال سيتسلل إلى قلبك ويضيء شمعة ما في ركن ما..
لا تنس وأنت تمر بحارس مرور أو عامل بناء أو عامل نظافة، بأن تبتسم له وتسلم عليه وتدعو له بالتوفيق والسداد..
لا تنس وأنت ترى أذى في الطريق، والكل يمر بجانبه وكأن الأمر لا يهمه ولا يعنيه.. بأن يهمك أنت.. بأن تكون أنت المعني بالأمر.. أزحه عن الطريق.. ثم أكمل مسيرك مبتسماً.. فعلت خيراً اليوم ..
لا تنس وأنت تمر بشاطئ البحر.. بحديقة.. بأشجار.. بأزهار.. بأن تلاحظ.. وتتأمل.. وتمتع عيناك.. وتملأ رئتاك هواءً نقياً.. ثم تمر..
لا تنس كثيراً من الأشياء يا صديقي...

إجعل لهذه التفاصيل الصغيرة حيزاً في حياتك اليومية.. ففيها ما لا يمكن لأي حبوب أو حقن منافسته في الشفاء.. فيها ما لا يمكن لأي مال شراؤه.. فيها سعادتك وطربك.. فيها دواء لقلبك وشفاء لروحك و سكينة لنفسك..
.. ثم تفقد قلبك يا صديقي.. يا ترى كيف حال تلك الشمعة الوحيدة؟
احملها وتجول بها في سائر أركان قلبك.. ستجد شموعاً أخرى ملقاة على الأرض.. لم تلمحها لأنك لبثت في مكانك ولم تبحث.. لأنك رضيت بالظلمة عنواناً لك..
أسرع يا صديقي ومرر النور إلى باقي الشموع ما دامت تلك الشمعة لم تنطفئ بعد ..
أسرع وإعتزل الظلمة.. إجعل النور عنواناً لك والضياء شعاراً لك.. والحياة غايتك والسعادة ضالتك..
والآن.. قف يا صديقي من جديد كما وقفت أول مرة.. ضع يدك على صدرك..
بماذا تشعر؟؟..

المؤلف: مريم الخلفاوي

هل يسير الإسلام المعاصر في طريق الكنيسة القديمة؟

قد يتساءل البعض عن ماهية السؤال المطروح في عنوان المقال، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي يعانيها العالم الإسلامي من جهل وفقر وتدهور للحياة الاجتماعية للأفراد وكذا من اتهام للإسلام بالتطرف والإرهاب، فالسؤال المطروح إذن هل صار الإسلام طرازا قديما ينبغي علينا التخلص منه بسرعة لتحقيق التطور والرفعة كما فعل الغرب بالكنيسة؟

عندما أقرأ في كتب التاريخ عن الأحداث التي تزامنت مع عصر النهضة الأوروبية التي انطلقت في أواخر العصور الوسطى من إيطاليا، ثم أخذت في الانتشار إلى بقية أوروبا من القرن الرابع عشر ميلادي إلى القرن السابع عشر وصولا إلى الثورة الصناعية في أواسط القرن الثامن عشر، أجد أن عصر النهضة قد شهد انقلابات في العديد من الممارسات الفكرية واضطرابات سياسية واجتماعية كذلك، وخصوصا صراعات وتصادمات مع رجال الدين. فتلك الفترة تميزت باتجاه المجتمع الأوروبي إلى الزهد في الدنيا، والتبتل إلى الآخرة، وذلك نتيجة هيمنة رجال الكنيسة على مختلف شؤون الحياة، باعتبارهم علماء دين وفلاسفة قانون روماني، فحاربوا المفكرين، وحاكموهم بقسوة، واحتكروا زعامة المجتمع، فتفشت فيه الخرافات وعم الجهل، فنجد أن جاليليو (1564-1642) العالِم الفلكي
والفيلسوف والفيزيائي الإيطالي قد تم الحكم عليه بالإقامة الجبرية في منزله حتى وافته المنية سنة 1642، لأنه قال بدوران الأرض حول الشمس وليس العكس. ولم يكن محظوظا -مثله- جوردانو برونو الفيلسوف الإيطالي حيث تمت ملاحقته وقطع لسانه وحرقه بتهمة الكفر لإثباته نفس النظرية.
"اشنُقُوا آخِر مَلِك بأمعَاءِ آخِر قسّيس".. هكذا نهضت أوروبا.
فهل علينا نحن المسلمين أن نشنق أخر رئيس بأمعاء آخر إمام!؟
سؤال لم أجد له جوابا بعد وهذا هو الغرض من هذا المقال، أن تشاركوني بآرائكم علنا نستطيع إيجاد حلول لنهضة أمتنا من جديد.

المؤلف: عادل حمو

افرح إنّك إنسان

نعيش في عالم تسوده الحروب والهموم والأحزان والغموم...
-أعتذر إن باشرت الكلام بحروف تملؤها المأساة وريح السواد التي امتلأ بها صدر وقلب كل واحد منا-
الحياة، لم تعد سوية...
لا تجد فيها للمساواة طعما ولا للعدل حقا..
الإنسان، أصبح متخبطا..
إن سَعِد يوماً فتلك لوهلة فقط..
فهو عند التفاتته إلى حال زمانه وأحوال مكانه -سواءً عبر التلفاز كي يرى ما يحدث في العالم أو أمام مرأى من بصره...
ذلك كله يُخلف له ولي ولك وللناس جميعاً سجايا مبهمة...
لا تعرف ما لها وما عليها...
تحتار بذلك الأحاسيس ما بين الفرح والحزن..
تتوه بين الحق والباطل..
تبتأس لحال أمة عربية، رغم وحدة دينها وإسلامها، رغم كلمتها الواحدة، رغم أنّ كلّ بنيها يردّدون عبارة واحدة: لا إله إلاّ الله...
تأسف أنّهم أصبحوا بل مازالوا يتعاملون مع كلمة التوحيد لفظا فقط لا فعلاً...
المهم...
إن غرض الحياة أن تأخذك في رحلة طويلة متعددة التفاصيل،
تريد أن تعلمك بتجاربها المتعددة والمتكررة قصد صُنع شخصٍ لا يعرف طعم الفشل واليأس قط...
فإن وجدت نفسك تعيش بقلبٍ طيب، وروح طفلٍ بريء، وأنفاس رضيعٍ لا يناهز السنتين، وعقل إنسان خاض تجارب عدة ولازال...
فحينها لا تتحرّج...
لا تخبئها.. لا تتهرب من ذلك الإحساس الذي انعدم في جوف كل واحدٍ منا..
لا تمتثل لأوامر تلك النفس التي هزمتها عوامل الدنيا وجعلت من السنين أيّاما تمرّ فحسب!
هذي ليالٍ تخطو بخطاها نحو المجهول...
لكن لا تذعن بسهولة نحو الفشل.
إفرح، لا تجثو على الأرض، بل قف، وقاوم، واعلم أن الحقيقة الجليّة هي في إيضاح مسلكك ودربك.

غيرك سقط، أما أنت فلا...
تنفس الحياة برئتيك أنت
عش بمبادئك أنت
إجعل للحياة ديدنًا جديدًا
ساير دنياك بقاموسٍ أنت المشرف على تنميقه ونسجه..
قبِّل تراب أرضك وارفع بصرك للسّماء وأطلق يديك...
وافتح فاهك وعبِّرْ، وقل للحياة: "إنّـنِـي إنسان..."

المؤلف: هشام ذويب

المقامة الطلابية


ذَكَرُوا فِي مَا أَتَى مِنْ أَخْبَارِ طَلَبَةِ العِلْمْ ذَوِي الفُكَاهَةِ، أَنَّ جَمَاعَةً مِنْهُمُ قَدْ تَحَلَّقُوا حَوْلَ صَحِيفَةِ صَاحِبِهِمْ يَتَمَازَحُونَ. وَجَاءَ فِيهَا حَدِيثٌ لَهُمُ مَعَ مُعَلِّمِ النَّحْوِ وَالإِعْرَابِ يَصِفُهُمْ بِمَا أسَرَّ نُفُوسَهُم وَأَغَبَطَهَا. وَيُذْكَرُ أَنَّهُ مِنْ نَوَادِرِ الرِّجَالِ فِي عَصْرِهِ لِمَا تَمَيَّزَ بِهِ مِنْ طَرَافَةٍ فِي العَرْضِ وَإِتْقَانٍ فِي التَّوْجِيهِ خَاصَّةً أَنَّ مَخْزُونَ مَعْرِفَتِهِ وَدَرَجَةَ اِرْتِقَائِهِ فِي سُلَّمِ المُعَلِّمِينَ تَكَادُ تَنْقَرِضُ.


وَبَيْنَمَا هُمُ كَذَلِكَ إِذْ مَرَّ بِهِمُ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ فِي جُمْلَةِ مِمَّنْ مَرَّ مِنْ الخَلْقِ أَحَدُ مَعَارِفِهِمُ وَسَمِعَ مَا جَاءَ عَلَى أَلْسِنَتِهِمُ مِنْ مَدْحٍ وَتَعَابِيرَ إِعْجَابٍ إِنْ نَمَّتْ فِي الوَاقِعِ عَنْ شَيْءٍ فَإِنَّمَا هِيَ تَنِّمُ عَنْ صِدْقِ مَحَبَّتِهِمُ وَنُبْلِ وَفَائِهِمُ لِشَخْصِهِ وَمَقَامِهِ.

وَلَمْ يَمُرَّ أُسْبُوعٌ حَتَّى بَلَغَ مُعَلِّمَهُمُ مَا كَانَ بَيْنَهَمُ يَوْمَهَا. فَدَخَلَ عَلَيْهِمُ وَقَدْ اِسْتَشَاطَ غَضَبًا وَبَدَتْ عَلَى مَلاَمِحِهِ الصَّرَامَةُ. فَاِتَّخَذَ لَهُ مَجْلِسًا وَجَعَلَ يَسْرُدُ عَلَيْهِمُ قِصَّتَهُمُ وَسَأَلَهُمُ عَنِ الفَاعِلِ المُتَوَرِّطِ فِي كِتَابَةِ ذَاكَ المَنْشُورِ بَعْدَ أَنْ وَصَفَهُ بِصِفَاتِ الجَهْلِ وَالخِيَانَةِ. فَمَا كَانَ مِنَ الطَّالِبِ المَعْنِيِّ إلِاَّ أَنْ رَفَعَ يَدَهُ مُعْتَرِفًا وَقَدْ نَكَسَ رَأْسَهُ مُحْمَرَّ الوَجْهِ مُغْرَوْرَقَ العَيْنَيْنِ.

فَلَطَمَ الجَمَاعَةُ وُجُوهَهُمُ وَاِسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمُ وَظَنُّوهَا نِهَايَةَ صَاحِبِهِم. وَأَدْرَكُوا أَنَّ وَاشِيًا قَدْ خَبَّرَهُ بِأَمْرِ الصَّحِيفَةِ فَكَادُوا أَنْ يَتَآمَرُوا عَلَى الأَخْذِ بِثَأْرِهِمُ، لَولَا أَنْ ضَحِكَ المُّعَلِّمُ فِي النِّهَايَةِ وَأَبَى الإِفْصَاحَ لَهُمُ عَنْ اِسْمِهِ، وَخَاطَبَهُمُ بِلِسَانٍ أَعْجَمِيٍّ فَقِهُوا مِنْهُ أَنَّ مَا حَصَلَ قَدْ حَصَلَ وَأَنَّ العِبْرَةَ فِي حُسْنِ النَّوَايَا. وَاِتَّفَفقَ مَعَهُم عَلَى كَتْمِ مَا يَدُورُ فِي مَجَالِسِهُمُ مِنْ خَاصَّةِ الأَسْرَارِ.

المؤلّف: مريم الشُّول

أغنية المطر

كنت في "شارع الأضواء البرتقالية"..
أطلقت عليه هذا الاسم لأضفي عليه شيئاً من الخصوصية.. فجعلت منه مملكة لأحلامي التائهة ومستعمرةً لأفكاري الشاردة.. فعلاقة هبة بالأمكنة جد مميزة.. وغير متناهية.. فالمكان حكايةٌ تروى .. والمكان لحنٌ شجي هادئ يحملك بعيداً إلى عالم سحري مليء بالحنين والذكرى.. وهو أيضاً رائحة تفاجئك بغتةً لتشعل داخلك نار الشوق وتوقظ فيك صوراً من ماض بعيد قريب.. من طفولة غابرة و من وطن منسي...
كنت في شارع "الأضواء البرتقالية ".. أمشي وحيدةً كعادتي.. أمشي ودمعةٌ خجولة تؤنسني.. تأبى السقوط مكابرةً و كبرياءً.. رغبة غريبة في البكاء تلك التي تملكتني.. أتراه الحنين للحظات صداقة صادقة.. أم هو حزنٌ عميق يستلذ بتعذيبي ويريد آنفاً رفع راية هزيمتي... لا أدري...
قطرة مطر لامست خدي وهمست لي قائلةً "هاقد أتيت.. أتيت لأغسل دمعك بدمعي.. أتيت لأخبئ دمعتك الحائرة في سلة النسيان.. فلا مكان لها بيننا الآن... جاء المطر يا حلوتي.. جاء المطر.. فقومي لإستقباله كعادتك.. احضنيه بيديك.. قبليه بشفتيك.. ارقصي معه رقصك المعهود.. استقبلي شتاءك بالحرارة نفسها.. بالجنون عينه.. جاءك المطر خصيصاً فلا تفوتي لذة لقاءك به واحتفلي معه بعرس الطبيعة.."
همست تلك الكلمات.. واختفت.. وتلتها قطرات المطر القطرة تلو الأخرى في إنسجام عجيب وإيقاع متناغم لتبدأ إذن "أغنية المطر".. وتبدأ مراسم عرس الطبيعة....
المؤلف: ضوء القمر

كم أعشق البحر...

كم أعشق البحر...
بمده ، بجزره..
بنسيمه وريحه....
بهدوء موجه أو هيجانه...
بشاطئه ورماله...
فمن منا لايعشق البحر؟؟
ذاك المكان، الذي يلجأ له كل مهموم ملأت خيبات الأمل حياته...
وكل سعيد لم يجد من يشاركه سعادته التي لا توصف...
يلجأ له كل من ضاق صدره وإمتلأ أسراراً ولايجد من يستمع إليه أو يبقي عنده سره إلا البحر...
الكل يسارع له، الكل يتمنى الجلوس على شاطئه ومخاطبته، لكن أحقاً نستطيع مخاطبته؟
من يعشق البحر، يتقن لغته، ومن يعتقد أن الحديث مع البحر خرافة، فهو الخرافة..
للبحر كلمات، لغات، طرق للحديث، لايتقنها و لايفهمها إلا عاشق البحر..
أحياناً، جلوسنا فقط قرب الشاطئ يدفعنا للسفر إلى عوالم أخرى، إلى أمكنة أخرى وننسى حاضرنا...
بصوت أمواجه ننتقل من واقعنا إلى خيالنا الشاسع.. إلى فترةٍ زمنيةٍ تتحقق فيها كل أمانينا...
بنسيمه يحملنا إلى عالم فيه كل منشود...
كم أعشق البحر.....
أتوق إليه، أحلم به، اشتاق له وانتظر كل لحظةٍ أعانق فيها أمواجه.. فعشر ثوانٍ فقط، تكفيني للإبحار مع الأمواج وبداية العيش بين الأحلام...
إليه أروي حكاياتي، وعنده أحتفض باسراري، فتارةً تجيبني الأمواج، وتارةً طنين النوارس...
في الحياة أحياناً لااجد لمن أحكي أسراري، لكن البحر خير صديق...
أحياناً، بوصولي إلى البحر، أشعر بتهاتف الأمواج إلي، وكأنهم إشتاقوا لحديثي، لاسراري...
وأحياناً أخرى أرى حوتاً يقفز خارج المياه وكأنه يريد رؤية من يؤنس وحدتهم في الظلام، و- من يأتي لهم باسرارٍه واحاديثه...
عشقت البحر، عشقت الموج وعشقت نسيماً يلاعب أحاسيسي... 


كم أعشق البحر..
يسعد لسعادتي..
يحزن لحزني...
يبكي لبكائي...
يهدئ من روعي عند غضبي..
عشقت البحر وحتى في مخيلتي....
أحياناً أسمعه يصرخ، نعم، صراخٌ ليس كصراخ الانسان، صراخٌ يمتلء بصوت الأمواج والرياح..
يصرخ من واقع يعيشه ومن خطرٍ يهدده ويهدد من حماهم...
انظر إلى الكثير من الناس، من يلقي بالفضلات هنا وهناك،
أرى من لم يحترم جمال الشاطىء ولم يعر أهميةً لم يوجد في البحر،
أنا متأكد أنه لو أجاد لغة البحر لتراجع عما يفعل...
للبحر غضب، وليس كغضب الانسان، فبغضبه، يزهق روحاً، بريئةً كانت، أم لا...
...........
..........
......
...
أعشق البحر، أعشق مافيه، أعشق مايوجد في أعماقه وإن لم أعرفها بعد، لكنه يحدثني عنها...
أعشق تلك اللحظات التي أكون فيها مجتمعاً به، أعشق تلك اللحظات التي أكون فيها بصدد الحديث معه..
أعشق كل مايتعلق بالبحر...
أعشق الجلوس حذو البحر في ساعةٍ متأخرة من الليل، تحت ضوء النجوم الساطعة في مياهه، بين أمواجه، ونسيم مده وجزره يداعبني...
كم أعشق البحر، كم أعشق البحر، كم أعشق البحر..
للبحر غموض لايعلمها إلى هو والخالق...
ودائماً ما أسأله "ماذا تحمل معك في أعماقك؟ كيف العيش هناك؟"..
أحياناً أشعر بحزن لاني أعتقد أن الحياة ليست عادلة، خلقت كائنات فوق الأرض، ترى الحياة، ترى الشمس، تداعب الرياح، تعترض بالناس..
لكن أحزان لتلك الكائنات، الموجودة في أسفل البحر، في أعماقه، كيف لها أن ترى نور الله؟ كيف لها أن تداعب الرياح؟ لماذا يا بحر لم تعطها حريتها؟
فتجيبني الأمواج: تلك الكائنات لم تخلق عبثاً.. وحقيقتها لاعلامها إلى أنا (البحر)، فان نزلت إلى أعماقي لرأيت أجمل حياةٍ على وجه الأرض..

عشقته ولا زلت أعشقه، نعم، ذاك المكان الشاسع، ذاك المكان الجميل، البحر..
بدأت أعشق الكتابة، ففي أعماقي تتوهج الكلمات، تلتحم الجمل، تترابط الفقرات، لكن لا أجد من يسمعها، عشقت الكتابة من أول لحظةٍ وضعت فيها قلمي على الورق، وحلمت أن استطيع كتابةٍ شيء ما، أو أغير واقعا ما.. لكن ترددت، خفت، هل سيعجبهم ما اكتب؟ هل ساستطيع أن أوصل مابداخلي بطريقةٍ جميلة؟ تراجعت... لكن هي من دفعتني للبداية، قوت من عزيمتي ودفعتني للبداية، بداية صعبة ، لكن الصعب قد يصبح سهل...

المؤلفوارث غريبي

الأحد، 16 أغسطس 2015

ضمير يمشي في جنازة أحلامه بصمت..

إستوفيت عبارات الألم وأعلنت حنجرتي حدادا مفتوحا يحلم بنهاية والنزيف لم يقف سيلانه بعد.. نزيف يخوض حربا دامية مع كل فلذة من روحي ..
أنزف أمة حبست أنفاسي مازالت تقيم معاهدات صلح مع مجری النفس.. أنزف ضميرا عربيا قد راح في سبات عميق وما أيقضه احد..
ضمير يمشي في جنازة أحلامه بصمت.. وأنا جزء مبعثر من ذلك الحلم المتلاشية أجزاءه..
ذلك الجزء المبعثر يصارع زمنا يقسو عليه.. وسط ذلك الحشد الكبير من الناس يستغيث.. فالحلم في كفن وهو كذلك يرغب في كفن.. كفن يحميه من الظلمات و الأوجاع.. كفن لا يذبله لا يشرد طفولته ولا ينتهك عرضه بل يحفظه و يخفيه من عيون الزمن..
تری ستغفل يوما عيونه؟
أنا في حاجة أكيدة لجرعة من أنفاسك يا أمة العرب..
دعيني أرد روحا تائهة و أسقي فؤادا ضمآنا و أرعی جسما منهكا تعبان.. فمتی سيبطل الحداد ومتی سيقف الجرح عن النزيف؟
متی؟
لم أكن أحسب أن معركتي مع الحياة ستكون صعبة..
شجعني قلمي.. أهداني أبهی الحروف لأكتبها علی ورقة حملتها أحلامي فكانت خير حافظ لأمانة القلوب..
أدركت بعد الصراع أن ذلك الحشد لم يكن إلا سلسلة من الكوابيس قد تراكمت الواحد تلو الآخر فأوقدت قبسا من نور مستأنسا بشعلة قد غدت رفاتا..
سأحيا، سأظل في العلالي أوقظ الموتی، أجس نبض المقاوم و أرسم درب فتاة لم تشف من حب تونس وراحت تبحث عن شفائها في أرض جريحة فاكتملت الحكاية و صارت أعزوفة حزينة سكنها الخيال..

المؤلف: زهرة القاضي

إلى متى يا عرب؟

إلى متى يا عرب؟
إلى متى نبقو متخلفين؟
إلى متى نبقو منبهرين بثقافة الغرب وتقدمهم؟
إلى متى نبقو نبكو على جدودنا؟
إلى متى نبقو نحكو على تاريخنا وأمجادنا في الماضي وننساو حاضرنا؟
إلى متى نبقو نحكو على صلاح الدين الأيوبي؟
إلى متى نبقو نحكو على خالد إبن الوليد؟
إلى متى نبقو نحكو على إبن سينا؟
إلى متى نبقو نحكو على الخوارزمي؟

إلى متى؟ إلى متى؟ إلى متى؟ ....

إلى متى نبقو نتفوخرو بتاريخنا المجيد وننسو حاضرنا ومستقبلنا إلي يلزم نبنوه؟
إلى متى نبقو ديما ضد بعضنا؟
إلى متى نبقو ديما نخططو على بعضنا؟
إلى متى نبقو نرمو في التهم على بعضنا وننساو إلي منجمو نتقدمو كان مناقفو لكل مع بعضنا ونحطو ليد في اليد..؟!
إلى متى نبقو نستهلكو في حاجات موش من يدينا وموش من صنعنا؟
إلى متى نبقو نتبعو في الغرب؟
إلى متى نبقو في تخلف؟
إلى متى يكون سبب عركنا وخلافاتنا حاجات تافهة؟
إلى متى يكون ماتش كورة هو سبب فقدان أرواح أغلى من قطعت الجلد الدائرية؟
إلى متى يكون منصب سياسي هو خلاف شعوب؟
إلى متى يكون همنا الوحيد الوصول للسلطة؟
إلى متى يكون حلمنا إنو نتقدمو؟
إلى متى نخزروا لبعضنا على أساس أعداء إذا ما يكونش عندو نفس فكرنا؟
إلى متى نبقو نبكو على فلسطين ومنعملو شي؟
إلى متى نبقو انددو بافعال العدو الصهيوني منغير منحركو شي؟

إلى متى؟ إلى متى؟ إلى متى؟...

إلى متى نبقو نطرحو في اسئلة إلى متى...؟؟!!!
إلى متى يا عرب؟!! فقد زهقنا الانتظار.....
حنيننا للعظمة بات يزول....
فياعرب، لنستفيق، لنسترجع مجدنا الذي حلمنا به...
فلقد أصبحت أحلامنا محض خيال.....
وأختم بمقولة شهيرة لليوناني "إيسوب":
"All for one and One for all, together we stand, divided we fall " !

المؤلف: وارث غريبي

لقد كانت المدرسة مكانا غبيا.. (1)

في العالم توجد مدارس لتعليم كل شيء عن كل شيء، لكن المدرسة عندنا لم تعلمنا الحب ولا الإيمان ولا الصلاة في أبعادها التأملية العميقة ولا التعامل مع الناس ولا ممارسة العمل ولا التعامل مع المال.. ولا أي أمر نافع حقيقة في الحياة..
لا شيء سوى بلادة أساتذة نختصم معهم حول الأعداد والملاحظات وعدم فهم الغرض من الدروس..
ولا شيء سوى تملق بعض الطلبة للأساتذة لتحصيل علامة أعلى أو توصية لتدريب لا يشبه التدريب في شيء أو تدبير نصف عمل بالواسطة في أفضل الحالات..
كان الكل خائفا من الكل.
أذكر أن الأساتذة كانوا يخشون وقاحة بعضنا أو علاقات والديه أو حتى مجرد إحراجه لهم!
لقد كانت المدرسة مكانا غبيا..
أكره إلى هذه اللحظة مديرا ضربني على وجهي لأني كنت أجري في ساحة المدرسة.. وكان أبي صديقا له، فكلما سببته أمام والدي غضب، فأكرهه مع المدير..
كرهت جل معلمي وأساتذتي وسخرت من أغلبهم ولم تجمعني علاقة طيبة سوى بالقليل القليل منهم، حتى أني هددت أحدهم بعد أن طردني من الفصل بلقاءه في الحافلة.. فاشترى سيارة بعد أسبوع..
في قرارة نفسي لم أكن أحترمهم، لأن أغلبهم متشابهون يجمعون المال ولا يفيدونني بشيء سوى مزيد تكرار العادات البالية البليدة كل صباح..
إحداهن أشبعتني ضربا بمسطرتين رقيقتين ذات صباح شتوي فقط لأني نسيت ميدعتي عند خروجي مسرعا من البيت، فارتديت معطفي الصغير فوق صداري الصوفي على عجل، بسبب البرد أصلا ربما. فكان أن زادت ألمي ألما وأمام الجميع.. بكل قسوة. أقسم أني أتمنى كل لحظة رد تلك الضربات لها وهي عجوز اليوم..
إحداهن ربما ماتت الآن، كانت تتوعدني بكسر شوكتي، وأنا في التاسعة من عمري!
تصور! لي شوكة بهذا الخطر حتى تكسرها المعلمة!
مشاهد كثيرة يعزيني فيها ردة فعلي الساخرة والمنتقمة أحيانا كثيرة..
على فكرة، كنت أحصل أحسن الأعداد لأن أمي تجبرني على الحفظ، أما أنا فلم أكن أهتم ومازلت لا أهتم.. حتى أني لما اختلفت مع أمي حول تدخلها في دراستي، عندما بلغت الجامعة فأقسمت أن تتركني وشأني، رسبت مرتين..
وها أنا ذا، مازلت أكره المدرسة التي كانت كل عالمي، والتي بكيت يوم تركتها بعد التخرج لأني لم أعلم أين أذهب بعدها.. وأكتشف صعوبة الحياة خارجها وألعن كل لحظة مرت علي دون أن أفهم غرض وجودي وأحدد أهدافا دقيقة في الحياة سوى اجتياز الامتحانات بنجاح، وأقرر كيف أريد أن أعيش.. وأندم على كل يوم صدقت فيه أني سأتخرج متعلما قادرا على النفع وامتهان عمل يحقق ذاتي ويفيد مجتمعي.. فإذا أنا مجرد ملاحق لسراب المال باحث عن الاستقرار المادي والأمان في واقع يشبه كل شيء إلا المدرسة، وحيث كل الناس أسوأ حتى من تلك المعلمة الشمطاء!

العلم أم الدين؟

إن أكثر الأسئلة المطروحة في واقعنا اليوم والتي تستخدم غالباً سواء من الطرف المتديّن لاختبار ايمان الشخص أو من الطرف الآخر لاختبار مدى ثقافته "هل تفضل العلم أم الدين؟" والسائل هنا تغافل عقله عن كثير من الأشياء التي تقوّض أركان السؤال والكثير بدأ قلمهُ يسوّد مئات الصفحات ليجيب عن هذا السؤال الذي لا يتجاوز بضع كلمات. فبدأوا ينعتون نصير العلم بالكفر والزندقة والمتدين بالمؤمن الصادق التقي، أو عكس هذا عند الأطراف الأخرى، فكلّ تيار يهمّش الرأي المخالف.
لكن الأهم قبل أن نجيب عن أي تساؤل بسيطاً كان أو عميقاً عصيّاً على عقول البسطاء أن نحرر معناه ومقصده فهذا السؤال أشبه ما يكون سوفسطائياً خالياً من معنى وروح أي سؤال لأن أي دين لا نستطيع إليه سبيلاً في غياب العقل أو تغييبه والانغماس في مستنقعاتٍ لا نجاة منها إلا به.

إنّ جميع الأديان بدأت برسالات روحية تتسامى عن الماديات وتطلق العنان للروحيّات؛ ومن أهدافها ضبط المجتمعات ضمن نظام واحد يتلاءمُ مع بيئتها وظروفها المعيشية والاجتماعية. وليس من شأنها أبداً التدخل في قوانين الكون والفيزياء والطب وشتّى العلوم التي يسير الإنسان لاكتشاف كل شيء، من الذرّة حتى المجرّة. والمتدينون هم الذين يريدون التدخّل كلّ شيء لإخضاعه لفهمها لتراتيل الكتب المقدسة وهذا بلا شك جهلٌ مطبق..
والعلم من الطرف الآخر لا يريد أن يخضع الدين له ولا أن يُخضع أحداً؛ هدفه الرئيس هو البحث المستمر المحفوف بالمتاعب، المتوّج بالهزائم والانتصارات على هذا الوجود المنظّم والقابل للفهم كما عبّر آينشتاين عن ذلك بقوله "إن أكثر شيء غير مفهوم هو أنَّ هذا الكون قابل للفهم". ولا نستطيع التعميم فهناك بعض الأشخاص يتسلّحون بالعلم لمجابهة الدين وخرافاته على تعبيرهم؛ هؤلاء أيضاً ليس هدفهم الحقيقة بل جعل الحقيقة وسيلة لتدمير الوجود بدل أن تكون وسيلة لفهمه..
كما رأينا، هما منهجان مختلفان تمامَ الاختلاف ولا يوجد ذلك التعارض الصارخ إذا قرأنا أمَّ العلم والدين والغاية الأولى من كلا الاثنين. والشرائع الدينية لا يمكن أن تفلح إن بقيت بل يجب أن تواكب التطور، والتقدّم والمنهج العلمي أيضاً يتطور باستمرار ليصل للأفضل. فلا أحد ساهم اليوم في سبيل البحث ومنهجهُ عفا عليه الدهر منذ أزمان ولن يتمكّن أي متدّين بعقليته المتزمتة الصلبة التي تقدس أشياء أيضاً عفت عليها أزمان. نحن لا نقيّد عقولنا بأشياء معينة فنصبح بذلك متعصّبين متحجرين، بل على العكس تماماً نبقى نبحث إلى ما لا نهاية.

نتلقى الانسانية من فطرتنا التي فُطرنا عليها كأخوة على اختلاف الطوائف والاجناس.. نمضي سنيّ عمرنا في سلام واطمئنان.. مبحرين على دروب العلم شتى..

المؤلف: لؤي حاج يوسف 

الأحد، 8 مارس 2015

داعش داعش

شاهدت فيديو لداعش يذبحون رجلا بهمجيّة على أصوات التّكبير وإطلاق الرّصاص كالعادة.. الأدهى أنّ الرّجل طلب منهم السّماح له بأداء صلاة الظّهر فرفضوا، وتداعوا عليه يدعون بعضهم إلى ذبحه والإسراع بقطع رأسه وهم يتضاحكون!
في مشهد مؤلم أذكره أيضا كانت امرأة ادّعوا عليها بالزّنا تطلب من أبيها الّذي يسلّمها لهم السّماح، فرفض، فقالت بثقة وصدق في آخر لحظات حياتها: "ربّ العالمين بيسامح"!
وهنا أذكر أنّ هؤلاء محسوبون على ديني وأنّ بعض أهلنا يعتبرونهم مؤمنين بنفس ديانتنا، بل ويتعاطفون معهم ويقولون: "هم إخوتنا"!
بل هم أعداء في الإنسانيّة وفي الدّين وفي الوجود.
اللّهمّ أعذنا من شرّهم وانصر كلّ من قاتلهم. آمين.

محمود شاهين لاتيأس